توقيت القاهرة المحلي 22:17:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سلامٌ عليكِ يا غزة

  مصر اليوم -

سلامٌ عليكِ يا غزة

بقلم - عزة كامل

الأزرق والأبيض والبنى، ألوان تصنع لوحات عظيمة للغاية، لكنها في الحقيقة لوحات حية وناطقة ومبهجة أيضًا رغم كل ما يحدث، ذات جلباب أزرق وطرحة بنية، دافعة رأسها في صدر صغيرها وهى تحتضنه جثة ملفوفة بكفن أبيض معقود من قمة رأسه.

أم يرتعش قلبها ألمًا ووجعًا على طفلها المقتول، الذي يستريح الآن في حضنها الممزق، طفلها الذي لم تستطع أن تحميه وهو يلهو بلعبته في براءة ذات نهار بيد، ويحمل بالأخرى عَلَم بلاده، الذي كان يرفرف به وسط الدمار والخراب، ذلك العَلَم الذي مزقته وحشية وجنون قذائف العدو، ربما تكتمل هذه اللوحة بوضع وصية الطفل، التي يوزع فيها مفرداته الصغيرة والبريئة وذكرياته القليلة على إخوته وأبناء وبنات أعمامه وأخواله.

الأم تشارك الأب المكلوم، الذي يلوح بأشلاء أطفاله، ويخلع قميصه الممزق، ويسجد، سيتوحد كل منهما مع آلاف الآباء والأمهات، الذين لم يعثروا على أطفالهم الأبرياء، بل عثروا على أشلاء أشلااااااء أشلاء.

إلى أين يأخذنا هذا الجحيم يا رب الكون؟!، جحيم ضباب القنابل وحريق الصواريخ والقتل وهدم البيوت والأرواح وتشريد الناس من منازلهم، ماذا سنفعل بأشلاء الضحايا، والسماء تعَكَّر لونها بالدم؟، ماذا سنفعل بأنفسنا، بعدما لم نعد نحن نحن كما كنا؟!، فغزة تحترق، ولم يبقَ شىء مما بعثرته رياح الغدر وطمسه البحر.

مَن سيُعيد لنا الذاكرة والتاريخ، وسط تخاذل جبان؟!. هي غزة الآن شعلة تحترق وفجر ينأى عنها، ولا أكفان ولا قبور لدفن الموتى، والصقور تحلّق فوق الأشلاء، لقد فاقت المذبحة لغة المجاز والبلاغة، بعدما أصبح أطفالها شيوخًا وآباء وأمهات، ولم تعد زرقة البحر يا «درويش» ترسم رائحة الخبز خارطة للحياة، ولا في زرقة الفجر يستيقظ الحالمون خِفَافًا، ويمشون في ماء أحلامهم مرِحين، فالحالمون الآن يصرخون، ولا يرد عليهم الصدى، بل تمطر عليهم السماء قنابل وجثثًا.

ورغم ذلك، تفاجئنا غزة بمنح هويتها، تصنع مشهدها الخاص في التاريخ، تقف متحدية لعنة الزمن دون أن تفقد صوتها، فقد وُلدت من الجرح نفسه، وستجعل أعداءها يصغون إلى رعد الحجارة، حجارة حنظلة، ذلك الرمز المقاوم، حتى لو خذلتهم السماء، وستظل غزة جرحنا الداخلى ووجعنا ولعنة وعار كل مَن خذلها.

غزة لا تشبه أحدًا، متفردة في حزنها ومقاومتها وبسالتها وجمالها، ورغم الحصار والقنابل والصواريخ وغريزة الإبادة عند الأعداء وتحالف الجبناء عليها ستظل تقاوم، سلام عليكِ، سلام على المقاومة، سلام على شهدائك وكرامتك وعزتك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلامٌ عليكِ يا غزة سلامٌ عليكِ يا غزة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon