بقلم - ماجدة الجندي
لم تنفرد وزيرة الصحة بزيارة مشيخة الأزهر ومقابلة الجليل شيخ الأزهر.. صحيح أنها قامت بالزيارة فى المستهل من عملها، وألحقتها بزيارة مماثلة إلى بابا أقباط مصر، لكن السيد وزير المالية هو الآخر قام بزيارة شيخ الأزهر، وأدلى بتصريحات تتعلق بعديد من المسائل المالية عقب الزيارة، وإن لم نسمع أنه قام بزيارة مماثلة لبابا مصر. والحقيقة أننا ونحن نكن كل تقدير واحترام لمؤسسة الأزهر وشيخها الجليل، لا نفهم بالضبط الرسالة المرجوة من زيارات السادة الوزراء إلى مشيخة الأزهر، ولا ندرك العلاقة بين قرارات التنفيذيين، وهذه الزيارات. هل هذه الزيارات بحثاً عن نوع من «الولاية الروحية» التى لا تتوافق فى اجتهادى المتواضع، والعمل التنفيذى فى سياق الاختيار لجوهر الدولة المدنية؟ أم أن هذه الزيارات تضع فى اعتبارها نوعاً من الاستحسان الشعبى المتوقع، الذى ربما يتصور المسئول التنفيذى أنه ومن خلاله يبنى جسراً مع الناس؟ أنا أفهم على سبيل المثال أن يكون لوزير الأوقاف تماس ضرورى مع الأزهر، فثمة أمور تخص الأوقاف قد تحتاج المشورة الدينية، أما باقى الوزراء فلهم توصيف عمل، ومهمتهم أن يقدموا تقديراً للموقف حين تسلمهم المسئولية، تشخيصاً ورؤية استراتيجية للحلول، تضمن الأبعاد الزمنية للتنفيذ. لا بد من الالتفات والوعى بما يمكن أن نطلق عليه «رسائل الوزراء»، حتى وإن كانت ضمنية، لأن الموضوع يثير «أسئلة جوهرية» حول موقع «الدين» من القرارات التنفيذية للدولة.
نحن اخترنا دولة رئاسية برلمانية، ومع كل الاحترام الواجب للأزهر وشيخه الجليل، فليس للدولة «مرشد روحى»، ولا ينبغى أن نخلق أعرافاً، يكون لها فيما بعد تداعيات تؤسس لما ليس مقصوداً. وأتصور أن الوزير أو المسئول له حقه فى زيارة «شخصية» للجليل شيخ الأزهر، وأن هذه الزيارة تدخل فى حيز شخصى لا يستدعى إعلاماً ولا ينبغى ربطها بأى تصريحات.. أما أن تتوالى الزيارات ويلحق بها تصريحات تخص شئوناً تنفيذية، فذلك ينسج نوعاً من «الالتباسات»، التى ليس فقط نحن فى غنى عنها، بل وعلينا دوماً أن ننقيها ونجنب «الفضاء العام» الوقوع فى براثنها.. ماذا لو -لا سمح الله- كانت مثل هذه الزيارات للأزهر أو لقطبى الدينين، تتلمس نوعاً من الرضا الشعبى؟ ماذا لو كانت عين المسئول على ما قد تثيره مثل هذه الزيارة من قبول على غرار «ما يطلبه الجمهور»؟ تلك معضلة لا تقل فى آثارها عن الأولى، لأن جزءاً من مهام الحكومة ووزرائها، ترسيخ «صورة الدولة» بالمواصفات الواضحة، والمحددات الواجبة.. الدكتور طارق شوقى وزير التعليم، سواء وافقت أو اختلفت معه، نهج نهجاً يتسق وتوصيف دوره «كوزير»، شخّص المشكلة كما يراها، وضع رؤى للحل.. لم نسمع منه إلا أرقاماً وإحصائيات، لم يلجأ إلى دغدغة من أى نوع للشعور الشعبى، مع أن ما لقيه لم يكن بسيطاً، ولا لجأ إلا إلى أدوات عمله «كوزير».. نحن فى مرحلة تحتاج وضوحاً، وكفانا خلطاً للأوراق.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع