توقيت القاهرة المحلي 08:43:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سيرة وطن.. و«سى فى» شخص!

  مصر اليوم -

سيرة وطن و«سى فى» شخص

بقلم - ماجدة الجندي

سامحه الله زميلنا الإعلامى الأستاذ محمد الباز، الذى فى سياق متابعته لقضية ٥٧٣٥٧، طرح سؤالاً، ضمن ما طرح، حول «السى فى» الخاص بالسيد المدير التنفيذى للمستشفى.. سؤال وارد ومشروع، لكنه بالتأكيد لم يكن يدرى أنه بسؤاله قد «نكش» ذاكرة، لا تكف عن الربط والتأمل.. رغماً عنى وجدتنى أقول والله مصر دى «جبل»، جبل فعلاً لا مجازاًً.. إن العقود التى عشناها وكنا فيها شهوداً، لم نسمع، ولم يرو لنا أحد، كفيلة بأن تحس بمعجزة هذا البلد واستمراره، وقدرته الفذة على «هضم»، الزلط.. هل يمكن أن تتأمل جزءاً ولو محدوداً من «سيرة وطن» بالربط بينها وبين «سى فى» شخص؟ سؤال تال: هل تستطيع فى بلد غير مصر أن تجد رجلاً واحداً يترأس فى مشواره المهنى مؤسستين لا رابط مهنيا بينهما، ولعقود، بشرط وحيد هو أنه لم يتأهل بدراسة تخص أياً منهما ولم يدرس علم الإدارة ولا كانت له كرامات فى هذا المجال؟

مصر وحدها التى بالإمكان أن يجرى فيها هذا ولا يثير أى الأمر أى اندهاش، بل لا يستوقف الأمر أحداً ليسأل عن العلاقة بين أن تكون «درعمياً»، دارساً لعلوم اللغة، ولا يعرف عنك أى غرام بالكتابة، ثم تترأس واحدة من أكبر مدرستين للصحافة ولسنوات، وبعدها تقود أكبر مستشفى متخصص لعلاج أورام سرطان الأطفال، مع أنك لا أثبت عبقرية فى إدارة الأولى ولا فهم الناس سر جلوسك فى مقعد قيادة منشأة طبية.. هل يمكن أن يتحمل بلد غير مصر مثل هذه الظاهرة؟ هل يمكن أن يتطوع دارس أو باحث ببعض من وقته ليدرس هذا التوازى بين «سيرة وطن» و«سى فى شخص»، متخذاً تلك الحالة نموذجاً؟

سؤال الزميل محمد الباز فى سياق مناقشته لقضية مستشفى ٥٧٣٥٧ أعادنى لمنتصف السبعينات وكنت قد التحقت بمجلة صباح الخير عام ١٩٧٢، يعنى كنت فى الأتون ولم يرو لى أحد، وعاصرت المنحدر الذى تم وضع مؤسسة روز اليوسف فيه والدفع بها قصداً.. عقب ما عرف بمظاهرات الخبز، يناير عام ١٩٧٧، صدرت روز اليوسف بمقالات للأستاذين عبدالرحمن الشرقاوى، رئيس مجلس الإدارة، وصلاح حافظ رئيس التحرير، تحمل توجهاً مخالفاً لتوصيف الرئيس السادات الذى رأى أن ما جرى كان «مظاهرات حرامية».. كانت مؤسسة روز اليوسف فى هذا الوقت تعبر عن توجه منحاز للناس أو لنقل باختصار إنها وبتاريخها كانت تضم خلاصة الكتاب من اليسار.. المهم وبعيداً عن التفاصيل التى قد لا تتسع لها المساحة، يمكن القول إنه فى تلك اللحظة أضمر القرار «بتفكيك» هذه المؤسسة المناوشة المناوئة، ودون عنف.. أو اصطدام وبمنتهى النعومة.. رحل الأستاذ الشرقاوى وجرت فى الأمور أمور كانت الغاية من ورائها إعادة صياغة تركيبة روز اليوسف، وتحويل «عضمها» من أساطين الكتابة إلى مجرد أقلية لا تملك قراراً.. بحكم تكوين روز اليوسف، لم تكن مجرد مؤسسة صحفية، لكن أوتادها كانوا «كتاباً» ومبدعين، وفنانين تشكيليين، يتسمون بوعى وثقافة «مؤرقة».. أعداد هؤلاء كانت محدودة لأنها مؤسسة كانت لا تقبل «النص نص» كل سنة أو سنتين، تعين محرراً أو رساماً.. قرار تفكيك روز اليوسف سار على جناحين: التعيين بالغمر، ليصبح المناوئون أقلية، ثم وضع أسماء على مقعد قيادتها، علاقتهم بالصحافة كعلاقتهم بالفيمتو ثانية (التى لم تكن قد اكتشفها الدكتور زويل بعد).. وفى هذا السياق جلس على مقعد رئيس مجلس الإدارة أسماء، صارت من النوادر وجابت المؤسسة إلى درك معروف، وبالذات مجلة روز اليوسف باعتبارها الجناح السياسى للمؤسسة.. طبعاً هناك تاريخ طويل لتلك الفترة لكن سامح الله زميلنا محمد الباز وجازاه عن سؤاله عن «السى فى» للرئيس التنفيذى لمستشفى ٥٧٣٥٧، هو الذى أوحى إلىّ بتأمل «سيرة وطن من خلال سى فى شخص».. تلك الانفرادة المصرية الصميمة، التى أتحدى أن تجد لها نظيراً فى الدنيا.. ومع ذلك مصر مكملة.. استحملت وبتستحمل.. جبل والله!

نقلا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيرة وطن و«سى فى» شخص سيرة وطن و«سى فى» شخص



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon