بقلم - ماجدة الجندي
وأين تقف هذه الحدود؟ يبدو السؤال واسعاً، أو بالأحرى إجابة السؤال. لكن لتكن الإجابة الأكثر شيوعاً هى الباب الذى ندلف منه.. تقف حريتك حين تبدأ هذه الحرية بالمساس أو الإضرار بالآخرين. سؤال تالٍ: ما هو تعريف «هذا المساس»، أو «الإضرار»؟ وهل المقصود هو معنوى، أم ضرر مادى؟ سؤال آخر: إذا ما قيل إن «ارتداء النقاب» يدخل فى حيز الحرية الشخصية، مع وجود أسانيد وفتاوى تقول بأن «ارتداء النقاب» ليس فرضاً،
ألا يحق لطفل فى الرابعة أو الخامسة أو السادسة من عمره أن يرى وجه مدرسته ويأنس له ويطمئن إليه؟ «صورة» لفت وطارت ودارت على صفحات التواصل الاجتماعى، فى أول يوم دراسى، أربع منتقبات (مرة واحدة)، أربع مساحات فى (لست فى حاجة لمزيد من الوصف) أربع مساحات يغطيها السواد، واقفات متجاورات، فى فصل للصغار. الفصل بابه مفتوح وفى المنتصف زائر.. طبعاً، لا ملامح.. لا تعابير، ربما كانت هناك أصوات، لكن الصورة لا تنقل لنا إلا كادراً، كادراً ينطق بوأد كل حق إنسانى أصيل للطفل. الطفل الذى من المفترض أن له حقاً بحكم كل المعايير، فى الإحساس والاستقراء لمشاعر وانفعالات «المدرسة»، التى فى هذه المرحلة العمرية تكون أماً بديلة فى المدرسة. وهو نفس ما نطالب به بالنسبة للمريض فلا يمكن أبداً قبول استسلام المريض لوجه مجهول وملامح مختبئة لممرضة منتقبة، بحجة أن هذا حقها وحريتها الشخصية. الدكتور جابر نصار، حين كان مسئولاً عن جامعة القاهرة، خاض معركة النقاب فى مستشفيات الجامعة وأروقة التدريس، دون أى دعم من الدولة، ممثلة على سبيل المثال فى وزير التعليم العالى، مع أن «النقاب» متجاوز لأى شريعة تعاقدية للعمل، وأى منطق للأمور. معلمات «قندهار»، المنتقبات لا يمارسن حرية شخصية، ومفترض أن نسمع صوتاً لوزارة التعليم، وأن نرى لها موقفاً يحترم حق الطفل وإنسانيته، وهذا واجب أصيل، ليس على وزارة التعليم وحدها، ولكن على كل الجهات الحكومية التابعة للدولة.. لست فى حاجة للاسترسال فى توصيف حالة الشيزوفرينيا التى نعيشها ونحن نعيش استمراراً لمشاتل الفكر المناوئ.. الدولة تقول إنها تغلق المدارس التابعة للإخوان والتى اكتشفنا كمها ونوعيتها التى تعيش فى دولة تخصها، ونفس الدولة تقف صامتة، عاجزة، أمام نفس الماعون الفكرى وكل ما قام به هو مجرد أنه قد غير من الغطاء. النقاب فى مرافق الدولة ليس حرية شخصية، لكنه موقف ودلالة، وصمت الدولة عليه، أيضاً «موقف ودلالة».
نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع