توقيت القاهرة المحلي 07:24:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مَن تخاطبون؟!

  مصر اليوم -

مَن تخاطبون

بقلم - ماجدة الجندي

بحكم العادة، سرى الموضوع وصار هو الفقرة الرئيسية لعدد من برامج التوك شو.. المشهد تحول على الأقل بالنسبة لعدد لا بأس به من الناس، إلى موضع للسخرية ومصمصة الشفاه.. بمناسبة شهر رمضان وعلى طريقة «اللى حافظ مش فاهم»، بدأ بعض من السادة الجدد، أصحاب البرامج، توجيه العظة الموسمية فى أهمية ألا يتحول شهر رمضان إلى شهر استهلاك و«أكل»! ورجاء حار من قرار قلوبهم أن يقتصد الناس ولا يشترون إلا قدر الاحتياج «ويا جماعة من فضلكم بلاش تبذير وتعالوا نضرب المثل، ولا تحولوا الشهر الكريم إلى شهر إهدار».. طبعاً هناك أكثر من مفارقة يمكن أن تستوقفك.. أبسطها أن هناك تقارير تبث من الأسواق عن نسب الاستهلاك وعلاقتها بالظروف الاقتصادية وأنواع من الركود فى بعض السلع التى ارتبطت برمضان وأن الذى كان يشترى كيلو أصبح يشترى «ثُمن كيلو»، هذا لو اشترى.. بعض البائعين اشتكى من ظاهرة «الفرجة».. الناس أغلبها لم يعد يملك غير الفرجة.. هذا وضع مفهوم مع كل التحولات والإصلاح والتعويم إلى آخره.. الخطاب الذى يدعو إلى «الإمساك» عن الشراء إلا بقدر الحاجة يبدو أنه «جاى» من فضاء غير الذى نعيش فيه، متجاهلاً أن الشرائح المتوسطة وليس فقط محدودو الدخل، لم يعودوا بالفعل قادرين حتى على الأساسيات وأنهم يواجهون حالة انعدام وزن حقيقى فى ميزانياتهم وأن ما كنا نتندر به عن شراء الأوروبيين اللحم بالشريحة والفاكهة بالثمرة، صار واقعاً لو تمكن منه البعض يصبح سعيد الحظ.. ولو دخلنا فى تفاصيل ميزانيات بيوت من كنا نعتبرهم «مستورين»، سوف يصبح حديث «الإهدار» وتحويل رمضان لشهر «أكل»، نكتة.

الحقيقة أن الفئة التى كنا نظنها مستورة فى طريقها إلى فقدان حتى هذا الستر.. والناس تتقبل معاناتها لأنها تريد أن تعبر بالبلد التى هى سترها الأكبر، لكن ذلك لا يمنع من أن «خطاب السادة الإعلاميين» بالدعوة للتقشف يبدو مستفزاً، بل يستحق وصفاً أقسى، ليس فقط لأننا لا نعرف مَن يخاطبون.. هل هو موجه لغالبية من الناس متوسطات دخلها صارت تقترب من دخل الفقر أو تخاطب القمة الذهبية «المحدودة» نسبياً التى ما زالت تقيم أفراحاً تتكلف الملايين، والتى تنشر إعلانات مصايف فى الساحل الشمالى كان آخرها إعلان عن تأجير بيت ساحلى بعشرات الألوف فى اليوم، ولن أشير إلى الرقم الدقيق لأنه تجاوز إمكانية احتمالى!!

أمر آخر لا يمكن تجاهله، بعض السادة المذيعين أدركه، على استحياء، فوضعه فيما يشبه الجملة الاعتراضية.. فيقول مثلاً «طبعاً يمكن واحد يقول إنت بتقول كده لأنك كذا...»، و«كذا» هذه تأخذ صيغاً متباينة تحاول أن تقول إنه صحيح ربنا فتح عليه شخصياً، لكن هذا لا يمنع من أن يدعو الناس «لربط الحزام».. فى بعض الأحيان، تأخذه «الجلالة»، أو تأخذها الجلالة، فيروح أو تروح تهتف فينا أن نكف عن الاستهلاك، بينما تضوّى الساعات أو المصاغ تحت أنوار الكاميرات، مما يجعل من «حديث التقشف» شيئاً «برانياً»، صناعياً غير مقبول صدوره.

المدهش أن يقوم مسئولون كبار بمداخلات مع مثل هؤلاء السادة، ليؤمّنوا على عظمة دعواتهم لنا بالتقشف وعبقرية ما يقولونه فى حرصهم على اقتصاد الوطن، بل إن أحدهم أخذته الجلالة هو الآخر، فراح يؤكد و«بالقسم» أنه لا شىء يقال بعدما تابع الكلام المتزن!

طيب.. هم يتخاطبون معاً.. «دخول» لا علاقة لنا بها، يعلق على كلامهم «مسئولون» يبدو أنهم أيضاً لا علاقة لنا بهم ولا اعتراض..

الاعتراض الوحيد أن يكون نحن، أو معظم الناس، هم الموجَّهة لهم هذه الدعوة بمراعاة التدبر وعدم التبذير: سواء الأطباء العاملون فى المستشفيات، أساتذة الجامعات، أصحاب المعاشات، تسعة وتسعون بالمائة من الصحفيين، موظفو الحكومة، الفلاحون حتى منهم من يملكون أرضاً يزرعونها أو الجالسون فى البيوت دون عمل.

مَن تخاطبون؟

نقلا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مَن تخاطبون مَن تخاطبون



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon