بقلم - ماجدة الجندي
ليس ترفا ومصر تحارب، أن نطالب وزارة الآثار بالرد بشفافية كاملة عما يتردد من تفاصيل غير قانونية حول سفر 166 قطعة من آثار توت عنخ آمون لخمس سنوات مبدئيا، نظير خمسين مليون دولار. من حق الناس أن تطمئن على تراثها، خاصة أن وراءنا تاريخا من التفريط فى الاثار اتخذ اشكالا مختلفة من الإهدار. توجهت مجموعة من المصريين المتخصصين والمهتمين بخطاب الى السيد رئيس الجمهورية وإلى السيد المحامى العام، فى استغاثة لإنقاذ مجموعة من أندر أثار الملك توت عنخ آمون، سوف تخرج من مصر أواخر شهر مارس فى معرض، متنقل لخمس سنوات كاملة، متنقلة بين ثلاث قارات: أمريكا وأوروبا وآسيا، كما اعلنت وزارة الآثار المصرية، مائة وست وستون قطعة فريدة، وغير متكررة، منها ثلاثين بالمائة آثار الملك الذهبية، سوف يبدأ عرضها فى 22 مارس المقبل فى قاعة مركز كاليفورنيا للعلوم بلوس انجلوس، ثم تعود الى باريس للعرض بقاعة لا فليت، فلندن قاعة ساكش، متحف سمسونيات بواشنطن، المتحف الاسترالي، المتحف الوطنى بسيول. معهد فرانكلين بفيلاديلفيا، متحف فيلد، ثم مركز موراى بطوكيو ومركز أوساكا. الاستغاثة تتعلق بكل جوانب المعرض من حيث قانونية التعاقد والإجحاف بحقوق الجانب المصرى ونوعية المعروضات المسافرة والتأمين وغيره. هناك أولا نوعية الشركة الخاصة التى تم معها التعاقد وهى مخالفة صارخة للقانون الخاص بعرض الآثار رقم 3 لسنة 2010، وجوهره أنه لا يمكن التعاقد إلا مع متاحف أو معاهد علمية دولية، وهو ليس متحققا فى هذا المعرض، فالعقد مبرم مع شركة أمريكية خاصة اسمهاPremier Exhibitions غير مسجلة فى البورصة الأمريكية, وثانيا القيمة التأمينية لا تتناسب وخطورة وأهمية هذه القطع، ثم إن هذه الآثار الأكثر أهمية فى تراثنا، سوف لن تكون موجودة فى مصر، حين تحل الذكرى المئوية لاكتشافها، عام 2022، وكان من باب أولي، أن تكون محورا نعمل عليه، ليأتى الناس الى المتحف الكبير. وأيضا الإجحاف فى القيمة المادية التى سوف تتحصل عليها مصر، العقد المعلن من وزارة الاثار يشير الى أن مصر سوف تحصل على خمسين مليون دولار، على حين أن الدخل المتوقع من المعرض للشركة هو 500 مليون دولار. وهو دخل يقل عما كان فى معارض سابقة، فى أمريكا نفسها. وبالمقارنة على سبيل المثال والاتفاق الموقع بين لوفر فرنسا ولوفر ابو ظبي، فان فرنسا تحصل على مليار و300 مليون يورو فى 30 سنة، يعنى بمتوسط حوالى 49 مليون يورو فى العام، وهى ليست مقتنيات فى ندرة تراث توت عنخ آمون. هناك أيضا جوانب غير معلنة على المصريين، وموجودة على مواقع الخارج، حملتها لنا مجموعة متخصصة فى الآثار دشنت نفسها باسم «الحملة المجتمعية للرقابة على التراث والآثار». وبفتح رابط المعرض فى كاليفورنيا يتبين أمرين: الأول أن منسق المعرض هو الدكتور زاهى حواس، مما يطرح تساؤلا عن مسئولية الحفاظ على القطع المعروضة وهل السيد حواس يمثل وزارة الاثار المصرية أو الشركة الأمريكية الخاصة والتى كان واحد من اصحابها مسئولا عن الترويج لحملة «برنيطة» حواس التى قيل أنها كانت لأهداف خيرية، كما أن نفس السيد نورمان وشركته قد نظما معرضا تحت عنوان Quest of immortality, عام 2009، تم من خلاله سرقة واحدة من لعب «السنت» المهمة والفريدة وتم عمل محضر موجود ودفعت الشركة الأمريكية تعويضا هزيلا لمصر. والأمر الثانى الذى تشير اليه ولم يتم الإعلان عنه فى مصر فى العقد الذى أعلنته وزارة الآثار أن هناك مائة محاضرة للسيد حواس، على مدى السنوات السبع بعائد نحو مليون دولار. الدخل المتوقع أن تحققه كاليفورنيا من المعرض كما أعلن قد يصل الى 352 مليون دولار والأهم أنه يعمق حضورها على خريطة السياحة الثقافية. وزارة الآثار المصرية أعلنت أن الدخل المادى ليس هو ما يهمها فى المقام الاول، بل الترويج للسياحة! والحقيقة أن المسئولية الاولى لوزارة الآثار أن تحافظ على الآثار وعلى تطبيق القوانين التى تحمى تراث البلد ،أما الترويج للسياحة فمجاله وأدواته لا يمكن ان يكون السبيل اليها هو المخاطرة بكنوز التراث فى عقد مبهم، يفتقر الى الشفافية. فهل تساوى خمسين مليون دولار كل هذه المخاطر لدرة التراث المصرى؟
نقلا عن الاهرام القاهريه