توقيت القاهرة المحلي 09:38:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجهل.. وعمى البصيرة

  مصر اليوم -

الجهل وعمى البصيرة

بقلم - ماجدة الجندى

لا أجد تعبيراً يليق مع ظهور هذا التوزيع «الضحل» والركيك، الذى قفز، به «جاهل» على نداء أو هتاف رجال الصاعقة، «قالوا إيه»، الذى خرج به من حيّز «بلاغة الصدق»، وحوّله أو نزل به إلى درك من عمى البصيرة، لما حوّل هتافاً رجولياً وجدانياً إلى إيقاعات «طبلة ودربكة». هناك لحظات يجيش فيها الوجدان الجمعى، ويعبر عن نفسه فى بلاغة الصدق، التى لا تضاهيها أى بلاغة.. يخرج التعبير من «رحم المجموع»، ربما يلقى أحدهم بأول الخيط، عبر جملة، أو حتى كلمة، توجز حالة انفعالية كاملة. كان رحيل الزعيم جمال عبدالناصر، حزنه كما يقول أهلنا فى الصعيد حزن «واعر»، فى جنازته، خرج من القلوب قبل الحناجر، مكنون الناس، فى صيغة لحنية فى منتهى البساطة.. الشعب قال «الوداع يا جمال، يا حبيب الملايين.. ثورتك، ثورة نضال، هتعيش على طول السنين» خرجت المعانى تلقائية، بسيطة.. الوجع، الألم، سمّه ما شئت، ضَمَن «خلوداً» لبضع جمل وُلدت بإيقاعها المتوائم مع الحالة. نفس المعنى ينطبق على النداء أو الهتاف (الأصلى)، الذى تم تناقله عقب استشهاد «الشهيد منسى أحمد صابر» فى معركة البرث.. منسى، توأم روح ابنى محمد، وتلك حكاية طويلة، عقب استشهاده، تكشفت دوائر إنسانية، ارتبطت به، لم أقتصر على زملائه العسكريين، بل عشرات من حقول متباينة.. المحامى والمهندس والدبلوماسى والمحاسب، كل هؤلاء التفوا حول «منسى» كمغنٍ. الرائد متقاعد محمد وديع، كان واحداً ممن يمكن أن تطلق عليه «حواريين» حول معنى «منسى»، «وديع» خدم فى الصاعقة، وحاصل على أرفع الدورات (سيل)، وفى نفس الوقت له تكوين فنى. «وديع» سجل دون أى موسيقى ومع رجال حقيقيين من الصاعقة، هتاف، أو نداء «قالوا».. حاجة خرجت من القلب.. فكرة تقاوم النسيان وتخلّد الذين منحونا الحياة.. لضم أسماء الشهداء فى سلسلة، يمكن أن تستمر، بادئاً بمنسى.. الهتاف أو الشعار، لم يكن حفظ الذاكرة هدفه الوحيد، لكن له دور فعلى على أرض الواقع.. تدريب رجل الصاعقة ومشاقه، هذا الهتاف يستهدف ضمن ما يستهدف إثارة الحمية لدى الجنود.. الاحتفاظ بدرجة اليقظة والحماس. أول مرة سمعت نداء «قالوا إيه»، كنّا فى ماراثون منسى الذى بدأ من مجلس مدينة العاشر من رمضان إلى قبر الشهيد منسى. كان المدنيون ورجال الصاعقة، شباباً وشيوخاً وأطفالاً.. وكان الرائد متقاعد محمد وديع يقود طابور الماراثون، هاتفاً: «قالوا إيه علينا وقالوا إيه»، ويرد رجال الصاعقة: «منسى بقى اسمه الأسطورة من أسوان للمعمورة.. وقالوا إيه».. وما بين شطرين والثالث، يزيد «وديع» من حمية الرجال «مش سامع حاجة»، أو «ما تعلوا شوية»، فتلتهب الحناجر: «شبراوى وحسنين عرسان، قالوا نموت ولا يدخل مصر خسيس وجبان.. خالد مغربى دبابة، بطل واحنا جنبه غلابة.. العسكرى على من الشجعان، مات بطل وسط الفرسان.. أبطالنا فى سينا، حاميين أراضينا، قاهرين أعادينا».. وهكذا.. «مشهد» متجاوز لأى «صنعة»، بعيداً عن عوالم «السبوبة».. مشهد مقبل من «الحشا» الجوانى لرجال أوفياء لعهد قطعوه، بينهم وبين الله.. ألا يتركوا الوطن لأى خسيس.. على بساطة الكلمة، لكن هناك فكرة تقاوم النسيان وتجدد العهد.

مشهد جليل، جدارية من الحروف، خرجت بما يليق بها من إيقاعات قلوب «الرجال»، كيف يتحول ذلك إلى «مسخ»، وكيف يتلقى تليفزيون الدولة هذا المسخ، المشوه، ويبرر ذلك بإحصاءات المشاهدة؟

أمر لا يفسره إلا الجهل أو «عمى البصيرة»، وكلاهما غير منفصل عن الآخر

 

 

 

نقلا عن الوطن القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجهل وعمى البصيرة الجهل وعمى البصيرة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
  مصر اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة لأ ثواني

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon