توقيت القاهرة المحلي 10:50:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجهل.. وعمى البصيرة

  مصر اليوم -

الجهل وعمى البصيرة

بقلم - ماجدة الجندى

لا أجد تعبيراً يليق مع ظهور هذا التوزيع «الضحل» والركيك، الذى قفز، به «جاهل» على نداء أو هتاف رجال الصاعقة، «قالوا إيه»، الذى خرج به من حيّز «بلاغة الصدق»، وحوّله أو نزل به إلى درك من عمى البصيرة، لما حوّل هتافاً رجولياً وجدانياً إلى إيقاعات «طبلة ودربكة». هناك لحظات يجيش فيها الوجدان الجمعى، ويعبر عن نفسه فى بلاغة الصدق، التى لا تضاهيها أى بلاغة.. يخرج التعبير من «رحم المجموع»، ربما يلقى أحدهم بأول الخيط، عبر جملة، أو حتى كلمة، توجز حالة انفعالية كاملة. كان رحيل الزعيم جمال عبدالناصر، حزنه كما يقول أهلنا فى الصعيد حزن «واعر»، فى جنازته، خرج من القلوب قبل الحناجر، مكنون الناس، فى صيغة لحنية فى منتهى البساطة.. الشعب قال «الوداع يا جمال، يا حبيب الملايين.. ثورتك، ثورة نضال، هتعيش على طول السنين» خرجت المعانى تلقائية، بسيطة.. الوجع، الألم، سمّه ما شئت، ضَمَن «خلوداً» لبضع جمل وُلدت بإيقاعها المتوائم مع الحالة. نفس المعنى ينطبق على النداء أو الهتاف (الأصلى)، الذى تم تناقله عقب استشهاد «الشهيد منسى أحمد صابر» فى معركة البرث.. منسى، توأم روح ابنى محمد، وتلك حكاية طويلة، عقب استشهاده، تكشفت دوائر إنسانية، ارتبطت به، لم أقتصر على زملائه العسكريين، بل عشرات من حقول متباينة.. المحامى والمهندس والدبلوماسى والمحاسب، كل هؤلاء التفوا حول «منسى» كمغنٍ. الرائد متقاعد محمد وديع، كان واحداً ممن يمكن أن تطلق عليه «حواريين» حول معنى «منسى»، «وديع» خدم فى الصاعقة، وحاصل على أرفع الدورات (سيل)، وفى نفس الوقت له تكوين فنى. «وديع» سجل دون أى موسيقى ومع رجال حقيقيين من الصاعقة، هتاف، أو نداء «قالوا».. حاجة خرجت من القلب.. فكرة تقاوم النسيان وتخلّد الذين منحونا الحياة.. لضم أسماء الشهداء فى سلسلة، يمكن أن تستمر، بادئاً بمنسى.. الهتاف أو الشعار، لم يكن حفظ الذاكرة هدفه الوحيد، لكن له دور فعلى على أرض الواقع.. تدريب رجل الصاعقة ومشاقه، هذا الهتاف يستهدف ضمن ما يستهدف إثارة الحمية لدى الجنود.. الاحتفاظ بدرجة اليقظة والحماس. أول مرة سمعت نداء «قالوا إيه»، كنّا فى ماراثون منسى الذى بدأ من مجلس مدينة العاشر من رمضان إلى قبر الشهيد منسى. كان المدنيون ورجال الصاعقة، شباباً وشيوخاً وأطفالاً.. وكان الرائد متقاعد محمد وديع يقود طابور الماراثون، هاتفاً: «قالوا إيه علينا وقالوا إيه»، ويرد رجال الصاعقة: «منسى بقى اسمه الأسطورة من أسوان للمعمورة.. وقالوا إيه».. وما بين شطرين والثالث، يزيد «وديع» من حمية الرجال «مش سامع حاجة»، أو «ما تعلوا شوية»، فتلتهب الحناجر: «شبراوى وحسنين عرسان، قالوا نموت ولا يدخل مصر خسيس وجبان.. خالد مغربى دبابة، بطل واحنا جنبه غلابة.. العسكرى على من الشجعان، مات بطل وسط الفرسان.. أبطالنا فى سينا، حاميين أراضينا، قاهرين أعادينا».. وهكذا.. «مشهد» متجاوز لأى «صنعة»، بعيداً عن عوالم «السبوبة».. مشهد مقبل من «الحشا» الجوانى لرجال أوفياء لعهد قطعوه، بينهم وبين الله.. ألا يتركوا الوطن لأى خسيس.. على بساطة الكلمة، لكن هناك فكرة تقاوم النسيان وتجدد العهد.

مشهد جليل، جدارية من الحروف، خرجت بما يليق بها من إيقاعات قلوب «الرجال»، كيف يتحول ذلك إلى «مسخ»، وكيف يتلقى تليفزيون الدولة هذا المسخ، المشوه، ويبرر ذلك بإحصاءات المشاهدة؟

أمر لا يفسره إلا الجهل أو «عمى البصيرة»، وكلاهما غير منفصل عن الآخر

 

 

 

نقلا عن الوطن القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجهل وعمى البصيرة الجهل وعمى البصيرة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
  مصر اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon