بقلم - ماجدة الجندي
قررت أن اشرك القارئ فيما عشته هذا الأسبوع لا أنسى أبدا من اى نقطة جئنا، او بالأصح من فم أى نوع من التماسيح أنقذنا فى الثلاثين من يونيو. أمارس ذلك الاستحضار، الذى لم يحل بينى وبين صدق الرصد، وأمانته، والوعى بأن 30 يونيو كانت لحظة شعب عظيم، خرج مدافعا عن هويته أولا ومارست فئاته فى اغلبيتها إدراكا إنسانيا ووطنيا فى دفع قوى شرهة للدم وإن تسربلت فى الدين. على المستوى الشخصى لم أعرف ذعرا داهمنى فى حياتى كلها، قدر الذى عشته لحظة إطلالة من شرفة بيتي، فاذا بالأعلام السوداء التى تحمل شعارات منسوبة للدين والسيوف والسنج، والاصوات التى تعادى الحياة،.ايام الرعب هى ما عشناه ، كأبناء لهذا الوطن وايضا كأسرة، تحت وطأة تهديدات مباشرة، بسبب ما يكتبه جمال الغيطانى بشكل يومى فى جريدة «الاخبار» بدءا من يوم تنصيب محمد مرسي، بادئا بيومياته التى أوجزت الامر «وداعا.. مصر التى نعرفها» وحتى تلقى تهديدات تطول حياة ابننا محمد الذى خيل الى هؤلاء، انه سوف يكون الذراع التى يمكن ليها، او نقطة الضعف التى سوف تسكت كاتبا يراهم جسما دخيلا .. التفاصيل كثيرة لكن كان التهديد واضحا بغير لبس ولا التباس وبرسائل جبانة، لم يكن امامنا ازاءها كغيرنا، إلا التوكل على الله، والتسليم بأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، كنت اقولها، وقلبى يهرسه خوف بغير حدود.....حين لمحت من وراء الشيش الموارب الذى اختبأت وراءه، تباشير ظهور مركبات الجيش عند اول شارعنا، فتحت الشباك على مصراعيه، ورحت ألوح، باكية ضاحكة هاتفة صارخة «تحيا مصر».. لم تكن الكلمتان مجرد هتاف لكنها بدت تشبثا باستعادة أطراف شعور حقيقى بالأمان. كان ذلك ما يجيش داخلى وانتويت التوقف عنده هذا الاسبوع. لكنى نزلت وسط الناس لأشاهد آخر مباريات الفريق القومى ورحت أستقرىء الوجوه.. لم أستطع تجاهل رد فعل الناس، الذى بدا وكأن الفساد الطافح والعك الذى حفل به ملف اتحاد الكرة والشركة الراعية وقد انفجر فى وجوههم، فانكفأوا ..الناس ادركت ان وجود فرد عبقرى لا يمكن ان ينتشل فريقا غارقا فى منظومة فساد.. مو صلاح الذى يكاد ان يكون احسن لاعب فى العالم وتقرب قيمته المادية من مائتى مليون استرلينى ليس بديلا عن المنظومة السليمة. لفتنى كغيرى غيمة الإحباط . فى مساء نفس اليوم رحت أتابع برنامجا تليفزيونيا للزميل محمد الباز، فاتحا من خلاله ملف مستشفى 57357 على مصراعيه وبمنتهى الوضوح، هذا الملف الذى فجره الاستاذ وحيد حامد ..كان الاستاذ الباز يقرأ ردا موثقا للشركة الإماراتية المنتجة للمسلسل الذى شارك فى إنتاجه المستشفى بأموال التبرعات.. هالنى ما جاء فى الرد من حقائق حول استنكار الشركة لفكرة التربح من اموال تبرعات تذهب لعلاج الاطفال، ومقاومتها لهذا النهج، وكيف انها فوجئت بالمسئول فى المستشفى يطالب ليس فقط بالمشاركة فى انتاج المسلسل بل ورفع ميزانيته، الى خمسة وستين مليون جنيه! وكيف انها سعت للتخفيض حتى دار الرقم حول خمسة واربعين مليونا وكيف ان الشركة التى كانت تسعى لعمل درامي، لما استكثرت المبلغ، ورفضت مبدأ التكسب من اموال التبرعات، عرضت ان تقوم بدعاية للمستشفى بسعر التكلفة دون أرباح. رد الشركة الإمارتية المنتجة، نص بوضوح على ان المسئول فى مستشفى 57357 اقحم مجموعة من المجهولين فنيا فى عملية الإنتاج ينتمون لجمعية اصدقاء مرضى السرطان وأكد اكثر من مرة انه لم يقبل بهذه التصرفات التى تخضع من يقوم بها ليس فقط لعقوبات اخلاقية تتنافى والعمل الخيرى بل تقع تحت طائلة القانون. خفت حدة الإحباط لشعورى ان احدا لم يعد قادرا على الإفلات او الاحتماء بشبكات ايا كان نوعها.. بصراحة نزلت كلمات الاستاذ الباز، بالبرد والسلام على نفسى حين طالب بمنطقية الرد وصراحته وبمنتهى التهذيب.
لكن الامر لم يتوقف عند هذا الحد لان المسئول فى مستشفى 57357، وصف الشعب المصرى بما فيه المرضى الغلابة بأوصاف غير لائقة..! لهذا المسئول الأول عن مستشفى 57357، عليه أن يدرك انه لا يوجد احد فوق الحساب وكله حايتحاسب.. الرهان على هذا الشعب الذى استأصل سرطانا وعلى تطبيق القانون هو 30 يونيو.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع