بقلم - ماجدة الجندي
وقف اللواء عماد الغزالى، قائد المنطقة المركزية العسكرية، يعرض أمام الرئيس السيسى مرحلة من مشروع إسكانى، مشروع «أهالينا».. كان يسرد تفاصيل.. هنا كذا وهنا كذا، وهنا المسجد، سأله الرئيس: «الكنيسة فين يا عماد؟»، رد المسئول: «ماعملناش كنيسة» ثم استأنف: «إن شاء الله فى المرحلة الثانية». لم يتوقف الرئيس، لم يترك الأمور تسير فى مسار يعد من الوعد بتدارك مقبل فى مرحلة تالية. استمر الرئيس السيسى (حتى مع ما أشار إليه المسئول) «يمكن انت ماكنتش موجود فى التخطيط، فلو سمحتم ده أمر، عشان كله يعبد زى ما هو عاوز، يبقى فيه المسجد والكنيسة معاً». ليست هى المرة الأولى التى، وبمنتهى الوضوح، تعلن مصر «الرسمية»، بوضوح، ممثلة فى رئيس الجمهورية، توجهها الصريح وخطوها، وأقول خطو، لأنه خطو باتجاه «مواطنة حقيقية». نستطيع بالطبع أن نستشرف «سلو» أو ما اعتادت عليه الأجهزة الحكومية، من إغفال، أو «التغافل عمداً»، عن أحقية كل المصريين، بنفس القدر، فى وجود «بيوت للعبادة»، بصرف النظر عن اسم الدين. سارت الأمور لعشرات السنين، لم تكن الكنيسة تحظى بنفس الأهمية، التى يفترض كونها طبيعية فى تخطيط أى منطقة. حرص الرئيس على القول بوضوح «ده توجيه»، لأنه مدرك لواقع متدثر ببيروقراطية رسمية أحياناً، لكنه «مجاهر» ومقتحم على المستوى الشعبى. قبلها بأسابيع عبرت مصر الرسمية بمستوى أكثر تفصيلاً حين أعلن الرئيس السيسى أن لكلٍ الحق فى أن يعبد الله وفق شريعته، مسلماً كان، أو مسيحياً، أو يهودياً، وحتى لو لم يعتقد فى أى شريعة، وأعتقد أن هذا المعنى كانت مصر التى نعيشها الآن، تسمعها ولأول مرة بهذا القدر من القوة والوضوح. اعتبرت هذا الوضوح البين من مصر الرسمية على لسان الرئيس «لحظة تاريخية»، ثم يأتى تساؤل الرئيس: «الكنيسة فين يا عماد؟»، ليتجاوز فكرة السؤال إلى حيز «الدلالة»، دلالة لموقف رسمى حسم لصالح فكرة «المواطنة» الحقة نتجه إليها، ولابد أن هناك ما سوف يستتبعه. فإذا ما قارنا ما بين مصر الرسمية والشعبية، سوف نكتشف «هوة»، هوة تجلياتها ليست بحاجة إلى أن نكررها، ولا أن نشير إلى فداحتها وإلى حجم العمل المطلوب، وعمود هذا العمل يتأسس على الوعى أولاً بإجابة «الكنيسة فين يا عماد؟»، ويتحول التوجيه الرئاسى إلى واقع ممارَس، وتقودنا مصر الرسمية إلى «المتغلغل» فى ثنايا العظم الحكومى، وإلى حتمية تنفيذ القانون وتنحية كل مظاهر استبداله ببوس الرؤوس!
كنت فى زيارة لمدرسة فى مركز أخميم بسوهاج، مدرسة للبنات تحمل اسم جمال الغيطانى، ووسط حالة احتفائية تفضل من استضافونى بتعريفى بالمدرسة والنشاط وبتقديم العاملين بالمدرسة، وكان أحدهم حاصلاً على لقب «مثالى» على مستوى المديرية.. وبالصدفة كان مسيحياً. وأثناء المرور أشاروا إلى مكان «المصلى» للمسلمين، وفجأة انطلق سؤالى، دون أى ترتيب، سألت: هل هناك مكان لصلاة الطالبات المسيحيات؟ لست فى حاجة إلى الإشارة إلى وقع المفاجأة على من تفضلوا باستضافتى، ثم رد سريع بعدم وجود مساحة، ولم أستسلم.. بعد دقائق من نقاش خرجت بوعد جاء من المسئول الأكبر فيهم بأنه سوف يوفر قاعة أو مساحة داخلية. يوم يحدث ذلك سوف نتأكد من أن التوجيه الرئاسى قد أخذ الطريق، وعبر الجير إلى مصر الشعبية، وعلينا أن نستمر.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع