مفاجآت جائزة نوبل

أعلنت الأكاديمية السويدية لجائزة نوبل قبل أيام أسماء الفائزين لعام 2018. تلك الجائزة تلقي اهتماما من العالم بأسره. وينتظر نتائجها الملايين من المتابعين، الشغوفون بفكرة الخلق والإبداع، وأحدث ما وصلت إليه عقول البشر من إنتاجات. أزعم أنني ضمن هؤلاء الشغوفين المترقبين لأخبار الفائزين بأهم جائزة عالمية وأرفعها علي الإطلاق، المتشوقين لمعرفة موضوع الأبحاث التي تضيف للبشرية جديدا، وتسهم في إنقاذ البشر من أمراض مستعصية، كدنا نفقد الأمل في إمكانية الشفاء منها. لذلك ملأتني الفرحة وأنا أقرأ عن الاكتشاف الأكثر أهمية من أي شيء في الوجود وهو اكتشاف علاج لمرض العصر والشبح الذي صار متربصا بالجميع : مرض السرطان اللعين. فقد حصل الباحثان في علم المناعة علي جائزة نوبل لعام 2018 في الطب لاكتشافهما الذي يتلخص في الوصول للإجابة علي سؤال" كيف يمكن تسخير جهاز المناعة الطبيعي للجسم لمهاجمة الخلايا السرطانية، تلك الرحلة البحثية انتهت إلي إكتشاف أدوية تسمي مثبطات نقاط التفتيش المناعية check point inhibitors أمكنها أخيرًا القضاء علي بعض أنواع السرطان حتي في مراحله المتقدمة جدًا والمنتشرة بالجسم !. تشارك في الجائزة المرموقة جيمس أليسون، من مركز إم دي أندرسون للسرطان بجامعة تكساس في هيوستن، وتاسكو هونجو من جامعة كيوتو في اليابان. فأليسون اكتشف موقع فرملة الخلايا المناعية القاتلة للخلايا السرطانية واسمها »‬TLA-4 واستطاع اكتشاف أجسام مضادة لهذه الفرملة يبطل عملها مما يطلق العنان لنظام المناعة الطبيعي لمهاجمة الخلايا السرطانية والقضاء عليها تمامًا.

ولقد أجري أليسون أول تجاربه في نهاية عام 1994 وكانت النتائج "مذهلة." فقد تم شفاء فئران التجارب في معمله من السرطان بهذا الإكتشاف المذهل. وفي عام 2010، أظهرت التجارب الاكلينيكية علي المرضي آثارا مذهلة في الشفاء من سرطان الجلد المتقدم والمعروف بالميلانوما. في عام 1992، اكتشف هونجو فرملة أخري علي الجهاز المناعي تسمي PD-1، وهو بروتين آخر علي سطح الخلايا القاتلة للسرطان ووقف عمله يطلق العنان أيضًا للجهاز المناعي لقتل الخلايا السرطانية بالكامل. ومنذ ستة أعوام في عام 2012، أظهرت دراسة محورية فعالية واضحة لهذه المركبات في علاج العديد من المرضي الذين يعانون من أنواع مختلفة من السرطان كانت تعتبر في السابق غير قابلة للمعالجة كالسرطان المنتشر في الجسم حتي للمخ والكبد والعظام.

لقد أدي العمل المذهل الذي اكتشفه أليسون وهونجو بشأن العلاج المثبط علي نقاط التفتيش المناعية إلي تطوير ثلاثة أدوية حتي الآن تستخدم في أمريكا بنجاح وإن كانت باهظة التكاليف حتي الآن وتنجح مع بعض أنواع السرطان كسرطان الخلايا الليمفاوية وبعض سرطانات الكلي والمثانة وسرطان الجلد. خبر يفرح، ويبعث الأمل فعلا في قلوب الملايين.

أما الخبر الثاني الذي حمله الإعلان عن جوائز نوبل فهو خبر حزين جدا بالنسبة لي ولكل المهتمين بالأدب في العالم. فلأول مرة منذ 70 عاماً، تحجب الأكاديمية السويدية جائزة نوبل للآداب لعام 2018 علي خلفية فضيحة #MeToo والتي كشفت عن شهادات لـ18 امرأة تعرضن للتحرش الجنسي والاغتصاب من قبل رجل من أصل فرنسي يدعي جون كلود أرنو، متزوج من الشاعرة والكاتبة المسرحية كاترينا فروستنسن، وهي عضو في الأكاديمية السويدية، بما في ذلك أعضاء الأكاديمية وزوجاتهم وبناتهم. تحجب الجائزة رغم أن الوصية الأخيرة، لـ ألفريد نوبل في عام 1895، كانت هي منح جائزة نوبل للآداب كل عام.

حصل علي جائزة نوبل للآداب 14 امرأة فقط من أصل 114 فائزا،لم تكن هذه المرة الأولي لحجب الجائزة، حيث لم يتم منحها في سبع مناسبات: 1914، 1918، 1935، 1940، 1941، 1942، 1943. أجلت الجائزة في سبع مناسبات: 1915 و1919 و1925 و1926 و1927 و1936.أعطيت الجوائز لهذه السنوات في السنة التالية بدلاً من ذلك.قالت الأكاديمية، إنها ستعلن عن اثنين من الفائزين العام المقبل، واحد لعام 2018 وآخر لعام 2019. فرنسا تتصدر قائمة الفائزين بجائزة نوبل للآداب، حيث حصلت عليها 15 مرة. تتنافس الولايات المتحدة وبريطانيا علي المركز الثاني بحصول كل منهما علي 12 جائزة. نجيب محفوظ هو الكاتب العربي الوحيد الفائز بجائزة نوبل للآداب عام 1988.

نقلا عن الآخبار القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع