توقيت القاهرة المحلي 11:54:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غارمات خارج الأسوار

  مصر اليوم -

غارمات خارج الأسوار

بقلم : نوال مصطفي

 لاتزال قضية »سجينات الفقر»‬ تؤرقني، أحملها داخلي وأسير كوجع مقيم لا يفارقني. كنت أول من كشف عن تلك الظاهرة المنتشرة في سجون مصر وكان ذلك عام 2007، الغارمات أو »‬سجينات الفقر» كما أطلقت عليهن منذ أن اكتشفت قضيتهن المغرقة في التراجيديا. انتبه المجتمع وتعاطف معهن، وبدأت جمعية رعاية أطفال السجينات التي أشرف بكوني مؤسستها في تحرير أول سجينة، »‬أميمة» كانت تميمة الحظ والفرج لمئات بل آلاف الغارمات والغارمين، وزاد فخري بتبني الرئيس عبد الفتاح السيسي للقضية وتوجيهه لمؤسسات المجتمع المدني وصندوق تحيا مصر للمشاركة في تسديد ديون الغارمات، بعدها شاركت جمعيات كبري ومنها "مؤسسة مصر الخير" في تسديد ديون الغارمات والغارمين، وإجراء التصالح مع الدائنين ثم الإفراج عن السجينة الغارمة.

مرت القضية خلال الأحد عشر عاما الماضية بمراحل كثيرة، ازداد وعي المجتمع بوجودها، بعدما سلطت الضوء عليها من خلال حملتي الصحفية الممتدة "سجينات الفقر" وأصبحت في بؤرة اهتمامات المصريين الخيرين الذين يسعون إلي عمل الخير بل يركضون سعيا إليه. حمدت الله وشكرته أن جعلني سببا في تحرير رقاب العديد من الغارمات والغارمين في مصر، لكنني وخلال مشواري الطويل معهن لاحظت أن تسديد الدين والإفراج عنها من أجل أن تعود إلي بيتها، وتحتضن أطفالها لتحميهم من شرور الدنيا وقسوتها في غياب الأم لم يحل المشكلة بشكل جذري وحاسم. الكثير منهن كن يعدن إلي السجن مرة ثانية لأن الأسباب التي ألقت بهن في السجن في المرة الأولي لاتزال قائمة. الفقر، الجهل، عدم الوعي بالقانون، استغلال التجار الجشعين لكل ذلك.

بدأت مشروع حياة جديدة من أجل تدريبهن علي حرفة تساعدهن علي كسب رزقهن من خلال عمل شريف، بدأنا بورشة داخل سجن القناطر بالتعاون مع مصلحة السجون ومن خلال بروتوكول موقع بين جمعية رعاية أطفال السجينات ومصلحة السجون، ثم افتتحنا ورشة خارج السجن بحي الهرم لتوظيف السجينات بعد خروجهن من السجن، بالإضافة إلي التأهيل النفسي الذي يجري معهن وأطفالهن من خلال الجمعية. رغم كل الجهود الجادة المبذولة من أجل تحسين حياة تلك الفئة المظلومة، المقهورة، أشعر كلما تعمقت وحفرت في دهاليز تلك القضية الشائكة التي احتلت اهتمامي، وحفزت شغفي من أجل فعل شيء ما لتغيير حياة هؤلاء. إن الحل الجذري، الحقيقي، يجب أن يكون عبر تعديلات قانونية، تتعامل بروح القانون، لا نصوصه المجردة، الصماء.

لذلك أواصل لقاءات التحالف الوطني لحماية المرأة بالقانون ومبادرتي »‬غارمات خارج الأسوار» وأمس الأربعاء 4 أبريل 2018 كان اللقاء الثالث مع قضاة، وخبراء في التشريع والقانون علي أعلي مستوي من العلم والخبرة، بالإضافة إلي أعضاء البرلمان الذين أبدوا حماسا شديدا للمبادرة المطروحة منذ أكثر من عام ونصف العام نقدم من خلالها فكرا جديدا لعقوبات بديلة تؤديها الغارمة خارج السجن، وهو أسلوب حضاري اعتمدته الكثير من الدول ورأت فيه فائدة للمجتمع والفرد والأسرة.

الغارمة ليس مكانها السجن، لم تسرق، لم تقتل، لم ترتكب أي جرم يستحق السجن، فقط تعثرت، ووقعت في فخ الفقر والجهل بالقانون. لذلك وجب علينا البحث في أعماق المشكلة والخروج بحلول جديدة خارج الصندوق، العقوبات البديلة التي أطلقتها في مبادرتي "غارمات خارج الأسوار" من خلال مائدة مستديرة جرت وقائعها بمكتبة القاهرة في العشرين من يناير 2017 ألقت بحجر في البحيرة الساكنة، وحفزت العقول والقلوب لفعل شيء منطقي ويمكن تطبيقه، تحمس رجال القانون وأعضاء البرلمان للمبادرة وها نحن نقطع أشواطا في اتجاه الخروج بتشريع مدروس، يراعي حقوق الدائن، وفي الوقت نفسه يمنع سجن الغارمة الفقيرة، وبذلك نحمي الأسرة والمجتمع، ونحمي أطفال السجينات من أن يصبحوا قنبلة موقوتة تنفجر في وجه المجتمع لو تركناهم في العراء، بعيدا عن حضن الأم وجدران بيت يحميهم من تجار الشر والجريمة والتطرف.

أول الغيث قطرة، وقد قطعنا خطوات وخطوات في مشوار الألف ميل. وفقنا الله جميعا لما فيه خير مصر وأهلها. آمين

 نقلاً عن الآخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غارمات خارج الأسوار غارمات خارج الأسوار



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon