بقلم : عائشة عبدالغفار
كشف مؤتمر ميونخ للأمن تصاعد مخاطر الصراعات الرئيسية فى العالم مثل السباق الجديد حول السلاح الذى يتطلب حشد أكثر من 1800 مليار دولار سنويا وخطورة قضية الإرهاب التى مازالت تشكل تهديدا ضخما, أما الهزيمة العسكرية للدولة الإسلامية فى المشرق فقد وجدت منفذا فى شبكة اجتماعية تسكن قلب المجتمعات الديمقراطية... والجديد كما يؤكد خبراء الإستراتيجية يأتى من الإمكانية المتصاعدة لصراع واسع بين دول كثيرة، فبكين تستأنف ضم بحر الصين انطلاقا من عسكرة الجزر الصغيرة الإستراتيجية، أما روسيا فهى تشكك فى حدود أوروبا وفرضت نفسها فاعلا رئيسيا فى الشرق الأوسط، كما أن إيران وإسرائيل قد دخلتا فى انزلاق خطير... وفى هذا العالم المضطرب فإن الديمقراطيات تبدو هشة ومنقسمة..
كما أن الانحراف القومى المفاجئ للولايات المتحدة يترجم فى آن واحد من خلال تعليق الميزانية العسكرية التى كان يجب أن تصل إلى 716 مليار دولار ومن خلال تفتيت الضمان الأمنى لحلفاء أمريكا!
أما الأطلنطى فهو يمر فى أزمة مصيرية حيث إن الحلف يبرز ضعفا فى فاعليته إزاء عرقلة التوسع الروسى ومناهضة الإرهاب... كما فقد أيضا استقراره بسبب انتقادات إدارة ترامب والضغوط المتصاعدة مع تركيا التى تؤوى ثكنات القوات الأرضية بمدينة أزمير... ويرى الخبراء أن عملية الردع الموسعة لا تتماشى مع طبيعة وتصرفات ترامب غير المتوقعة... إن إعادة التسليح النووى للولايات المتحدة الذى سوف يتطلب تعبئة 1200 مليار على مدى 30 عاما يتماشى مع وضع أكثر مرونة يفسح المجال للبعد النووى التكتيكى الذى لم يخل من إثارة المعارضات السياسية لحلفاء أمريكا.. إن أوروبا ليس أمامها اختيار آخر سوى أن تتولى مسئولية أمنها ولكنها ممزقة حاليا بين أزمة المهاجرين ومناهضة الجهاد والرد على المد الروسى كما أن البريكسيت يحرمها من ثلث إمكاناتها العسكرية، إن ألمانيا توفر مليارى يورو إضافية من أجل دفاعها عن فترة أربع سنوات، كما اعتمدت أوروبا 1.5 مليار دولار بدءا من 2020 من أجل دفاعها ويرى المحللون أن فرنسا تتمتع بمسئولية تاريخية. فعقب البريكسيت فهى الدولة الوحيدة التى تمتلك مقعد عضو دائم فى مجلس الأمن وقوة ردع نووية ونموذجا شاملا للجيش يحتم بذل جهود مضنية.
فى إطار اهتمام المجلس المصرى للشئون الخارجية بكل تلك القضايا الدولية والإقليمية والأجندة العالمية المثقلة بالمخاطر والتناقضات اجتمع أعضاؤه وخبراؤه بكل من سفير فرنسا ستيفان روماتية وسفير اليابان تاكيهير كاجاوا لتبادل وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك فى ضوء زيارة الرئيس ماكرون المرتقبة ومشاركة الرئيس السيسى فى منتدى اليابان ـ إفريقيا. كما عقد المجلس حلقة نقاشية حول مؤتمر ميونخ للأمن لإلقاء الضوء على أهم نتائجه حيث إن المؤتمر شهد حالة توتر وتصعيد وبدت مظاهر عدم الثقة واضحة بين الولايات المتحدة وأوروبا مما يفرض على أوروبا صياغة سياسة أمنية مشتركة والتراجع عن «عسكرة السياسات» . ولقد حققت مصر انتصارا دبلوماسيا جديدا فى هذا المحفل الدولى الذى قدم فيه وزير الخارجية سامح شكرى بشفافية شديدة رؤية مصر إزاء سبل مواجهة ظاهرة الإرهاب ـ كما استمع المؤتمر إلى استعراضه الملحمة البطولية لعملية سيناء 2018 وأعادت مصر إلى الأذهان أهمية محاربة الإرهاب من منظور شامل والتعامل مع شبكات تمويله بشكل جدى كما صدرت توصيات صارمة عن المؤتمر العالمى لمكافحة الإرهاب الذى عقد تحت شعار «أوقفوا إرهاب قطر» والذى اجتمع ساعات قليلة قبل مؤتمر ميونخ الذى كشف التناقضات الإقليمية والدولية وتراجع دبلوماسية المسارات المتعددة والدور البارز الذى تلعبه مصر للقضاء على الإرهاب.
نقلا عن الاهرام القاهريه