توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غياب المنظور الأمريكى فى الشرق الأوسط

  مصر اليوم -

غياب المنظور الأمريكى فى الشرق الأوسط

بقلم - عائشة عبدالغفار

عندما أْعلن دونالد ترامب انسحاب القوات الأمريكية الموجودة فى سوريا إلى جانب الأكراد، فيبدو أنه اتخذ يوم 19 ديسمبر 2018 أحد قراراته الأكثر تعسفا.. ولكى يبرر هذا القرار الحاسم الذى أراد أن يمرره وكأنه إيماءة تاريخية قال «إن سوريا ضائعة منذ زمن بعيد ونحن نتحدث عن رمال وموت.. ولا نتحدث على سبيل المثال عن ثروات طائلة». لاشك أن خسائر أمريكا بعد هذا الانسحاب من سوريا عديدة وعلى رأسها هشاشة المعركة التى كان لابد لها أن تستمر ضد داعش، إهمال وهجرة الدول الأكثر ارتباطا بالولايات المتحدة فى معركتها ضد الإرهاب على الأراضى السورية وعلى رأسها فرنسا، خيانة تحالف الغرب والقوات الكردية فى سوريا والمتضامنة مع الميليشيات العربية المناهضة لبشار الأسد، التسهيلات المقدمة لنظام دمشق لكى يستعيد أراضيه، شيك على بياض مقدم للرئيس التركى أردوغان ليقضى على المقاومة الكردية الممتدة على مجمل شمال شرق سوريا من الفرات إلى الحدود العراقية رغم انها كانت قد نجحت فى طرد الجهاديين التابعين لتنظيم الدولة الإسلامية بشجاعة، ووضع اليد النهائى لروسيا فى قلب الشرق الأوسط والتقدم الحتمى للإيرانيين فى المنطقة وفقا للمراقبين وخبراء الشرق الأوسط.. إن فهرس هذا الدمار وهذه الأضرار أقنع فى النهاية الرئيس الأمريكى بأهمية تصور انسحاب يتم ببطء.. لقد قدم اذن ترامب تنازلا لمن يطلق عليهم «جنرالاتى» أى ضباطي.. كما ضاعف مستشاره جون بولتون الالتفافات والدوران ليطمئن الإسرائيليين والأوروبيين والأكراد اليائسين.. وسوف ينسحب نحو ألفى رجل من القوات الأمريكية الخاصة فى نحو أربعة أشهر. وإنما رد فعل الرئيس ترامب يعكس عناصر أكثر عمقا كما أدلى المحلل السياسى كريستيان ماكاريون، فبالنسبة لواشنطن فإن سوريا لم تعد رهانا حاسما أو قاطعا مادام ان روسيا وإيران قد حصلتا على النصر فى مساندة بشار الأسد. إن ترامب يريد أن ينتقل إلى مرحلة ما بعد الصراع.. إن أسلوبه الفوضوى والنرجسى المتواصل يخفى نية منعطف استراتيجى جوهري، حتى إذا كان الانسحاب المفاجئ يضع الحلفاء الأكثر اخلاصا لأمريكا ظهرهم فى الحائط! بالطبع هناك انشغالات وحسابات خاصة بالسياسة الداخلية.. إن ترامب يداعب ويلامس ويمتدح المشاعر الشعبية المسيطرة التى تشجع تحرر الالتزام الأمريكى والذى وعد به مرارا المرشح الجمهورى خلال الحملة الانتخابية وإنما أبعد من ذلك فإنه يفتح بطريقة فجة الجدال الرئيسى نحو مستقبل الالتزامات العسكرية الأمريكية، هناك ثلاثة أسباب وراء هذا التراجع: أهمها التركيز على المواجهة الاقتصادية والجيوبوليتيكية الأمريكية مع الصين وهذا يتطلب وقف تشتت القوات فى الشرق الأوسط بما فيها أفغانستان من ناحية أخرى وفقا لعدة خبراء، فإن بقاء الفى رجل فى سوريا لا يتمتع بأدنى فرصة فى التأثير على إصرار بشار الأسد بإعادة سيطرته على كل الأراضى ولا على تورط الروس والإيرانيين.. إن الغياب الشامل لوضوح الأهداف الأمريكية فى سوريا أشد خطورة من الانسحاب.. وهناك تيار عميق داخل أوساط التأثير، يدافع منذ سنوات عن وجهة نظر تناهض بإصرار أى استثمار عسكرى فى سوريا.. ومنذ عام 2013 نشر ادوارد لوتورك خبير الجغرافيا السياسية دراسة كان لها صدى مدو قال فيها: «ان حكومة أوباما يجب أن تقاوم إغراء التدخل أكثر من ذلك فى الصراع السورى ومهما يكن المنتصر، لم يكن هناك إلا مخرج مؤسف للولايات المتحدة». أمريكا فى الشرق الأوسط تحافظ بالطبع على مصالح ضخمة، وإنما لم يعد لها منظور!.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غياب المنظور الأمريكى فى الشرق الأوسط غياب المنظور الأمريكى فى الشرق الأوسط



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon