بقلم - عائشة عبدالغفار
بيل كلينتون الذى تولى رئاسة الولايات المتحدة من 1993 إلى 2001 كشف لنا فى أول رواية له تحت عنوان «الرئيس اختفي» قلقه الشديد إزاء التكنولوجيات الحديثة حقيقى إننا نعيش الفترة الأكثر جاذبية فى تاريخ الإنسانية وإنما جميع استقصاءات الرأى العام والدراسات تؤكد المخاوف العميقة للمجتمع الغربى وفزعه من الكوارث الناجمة عن التكنولوجيات المتطورة التى قد تؤدى إلى شرذمة الكون وتسبب الضيق لأكبر القوى العالمية!
إن بيل كلينتون يعتقد أن نهاية العالم لن تكون «بيوتكنولوجية» وإنما رقمية.. إنه لا يخشى من الفيروسات البيولوجية والمعالجات والخداعات المتعلقة بعلم الوراثة والجينات بقدر ما تخفيه أسلحة العالم «الديجيتال» وفى هذا الصدد فإن رئيس الولايات المتحدة الأسبق يتعارض مع «بيل جيتس» الذى يرى إن أى فيروس بيولوجى جديد ينتجه «بيو إرهابيون» -أى علماء سخروا علم البيولوجيا وعلم الأحياء لخدمة أغراض الشر والإرهاب- يستطيع أن يقضى على 30 مليون انسان فى السنة الأولي. إن بيل كلينتون فى كتابه المشترك مع الكاتب جيمس بترسون الذى صدر عن دار «لاتيس» الفرنسية منذ أيام قليلة يستعمل كلمة أنا خلال السرد ويحكى عن الهلع الشديد والشعور برهبة الموت التى تصيب رئيس جمهورية «أرمل» يواجه هجوما «سيبرنيتيكي» أفرزه تطبيق التقنية الحديثة الأكثر تطورا لإيجاد الأشياء الآلية والمتحركة.. ويشرح الرئيس كلينتون أن هذا الكتاب واقعى و«إن الرئيس اختفي» هو تصور أو تخيل ومع ذلك يمكن أن يحدث فى الحقيقة كما أن ما يبدو مستحيلا من الممكن أن يتحقق! فإن مع الإرهاب «السيبرنيتي» فإن حدودا جديدة ومفزعة قد خلقت وأى شخص يستطيع وهو جالس على أريكة أن يهاجم قوما أو حتى دولة! إن الشخصية الرئيسية فى الكتاب ليس هو إلا فيروسا الكترونيا اسمه «عصر الظلمات» يستهدف إعادة الولايات المتحدة إلى ما قبل الثورة الصناعية من خلال هدم بنية الشبكة العنكبوتية..
إن الأمن الاتصالاتى أصبح مزعجا بالنسبة لجميع المؤسسات والشركات والدول، إن عدة أشغال لا تستطيع أن تتم اليوم إلا من خلال الانترنت، إن هجوما شاملا على الشبكة العنكبوتية يستطيع أن يشل الجيش والنظام المالى والشبكة الكهربائية ووسائل الاتصال وتوزيع المياه.
إن بيل كلينتون ينتقم فى كتابه من الطبقة السياسية الأمريكية التى يصفها بأنها هزيلة وضعيفة وبعيدة تماما عن التدين وروح المسيحية, إن هذا الكتاب يعتبر بكل المعايير كتابا سياسيا جيدا, ويشرح لنا كيف انه عندما يصبح العالم تكنولوجيا مدوخا مسببا للدوار يجب أن نخترع من جديد السياسة؟!
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع