توقيت القاهرة المحلي 11:34:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماكرون وملف الإسلام في فرنسا

  مصر اليوم -

ماكرون وملف الإسلام في فرنسا

بقلم - شملان يوسف العيسى

أكد الرئيس الفرنسي في أول اجتماع لمجلس الوزراء، في بداية العام الحالي، أنه يعلن إرادته الدافعة باتجاه تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها الشعب الفرنسي في حملته الانتخابية، ومنها التعاطي مع ملف الإسلام في فرنسا، الذي يريد كمن سبقه من المسؤولين أن يحوله إلى إسلام فرنسا أو الإسلام الفرنسي، وهو بصدد وضع علامات للعملية الإصلاحية العميقة التي ينوي القيام بها في القسم الأول من عام 2018.
ما تريده الدولة الفرنسية هو بروز «محاور» جدي يتمتع بالصدقية، ليكون الجهة التي تتعامل معها الدولة، وتكون شبيهة مثلاً بالمجلس التمثيلي للديانة اليهودية في فرنسا، فالإسلام الغني بنحو 6 ملايين شخص يشكل الديانة الثانية في فرنسا بعد الكاثوليكية، لكن مشكلاته والصعوبات التي يعاني منها كثيرة، ولا تنحصر فقط بغياب التمثيل الحقيقي، أو الحاجة إلى أئمة وعلماء يتم استجلابهم من الدول العربية أو تركيا، بل هناك حاجة أساسية ورغبة من الدولة الفرنسية في أن يكون للإسلام في فرنسا مرجعيات تحاجج وتحارب الفكر المتطرف والنزعات الجهادية (راجع جريدة «الشرق الأوسط»، الثلاثاء 13 - 2 - 2018).
ما دفع الرئيس الفرنسي إلى إطلاق إصلاحاته هو شعوره بوجود انشقاق بين الجاليات المسلمة في فرنسا، حيث يرى البعض منهم أنه على المسلمين هناك أن ينظروا إلى فرنسا كدولة توفر لهم الأمن والاستقرار والعلم والعمل وحرية العقيدة وممارسة الحرية الثقافية وغيرها.. على المسلمين في فرنسا أن يدافعوا ويحموا وطنهم الجديد من منطلق وطني فرنسي ضد التطرف الديني و«الجهادية الإسلامية».
ما تسعى إليه الدول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا وألمانيا، هو إبعاد جماعات الإسلام السياسي الأوروبية التي توجد بين الأقليات المسلمة عن القيام بأي نشاطات إرهابية ضد بلدانهم الجديدة في أوروبا، أو بلدانهم القديمة في الشرق العربي.
على المسلمين الفرنسيين أن يعوا أن بقاءهم واستقرارهم وأمنهم مرهون بالوقوف مع القوى الديمقراطية الفرنسية، والأحزاب والحركات العلمانية - الليبرالية، التي تقف اليوم بقوة في وجه المد الأصولي اليميني، الذي يمثل اليمين المتطرف الذي يكره المهاجرين الجدد لأوروبا، ويعمل على طردهم.
هل مطالب الرئيس الفرنسي واقعية؟ وهل يمكن تحقيقها في بلده؟ ما يطرحه الرئيس ماكرون هو بكل بساطة أن يتعايش ويتوافق مسلمو فرنسا بين الإيمان والعقل... فمعركة فرنسا الحقيقية هي الفصل بين المجتمع المدني والمجتمع الديني، وما يحاول الرئيس عمله هو حث مسلمي فرنسا على إعادة صياغة واعية للدين في فضاء معلن.
هل هنالك أي احتمالات لنجاح الإسلام السياسي في فرنسا؟ من الصعب جداً نجاح جماعات الإسلام السياسي لأن هؤلاء يحاولون منافسة العلمنة في بلدها فرنسا... بدعوتهم إلى وحدة المسلمين، والتركيز على السلبيات الموجودة في المجتمع الفرنسي، مثل البطالة والعزلة الاجتماعية وصعوبة الانصهار، لكن كل هذه الأمور تتغير بانصهار المسلمين وتعليمهم.
ما يجعل مهمة الرئيس الفرنسي صعبة هو محاولته التوفيق بين «الأصولية الإسلامية» الموجودة في فرنسا والتوافقية الفرنسية، فالأصوليون يدعون للقطيعة الثقافية والانفصال عن المجتمع الكبير، فهم يرون ألا نتقاسم إلا في الإيمان. أما التوافقيون، فهم يرون أن المؤمن يمكن أن يتقاسم ثقافة وقيماً مشتركة مع غير المؤمن.
إن مجتمع المعرفة الذي نعيش فيه اليوم هو مجتمع معرفة منزوعة الثقافة، مختزلة في إعلام متداول، ثم إن استغلال الدين وانفصال المعالم الثقافية والدينية على تناغم مع ما يحدث اليوم، وهو حداثة الديني.
إن مصير الإسلام في فرنسا ليس هماً إسلامياً، وإنما هو موضوع فكري واستراتيجي، بحكم أنه يطرح كقضية استراتيجية تشكل الجالية المسلمة رهانها.
الإسلام اليوم يعيش تحولات لم يعهدها من قبل إنهاء أوضاع عكستها حركات التجديد أو التحديث الديني، فدعوة الرئيس الفرنسي فرصة لمسلمي فرنسا تمكنهم من تنمية ملكاتهم، وتطوير مقدرات إبداعهم، وتسهل لهم فرصة الاندماج العملي في مجتمعات الحداثة.

 

 

عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماكرون وملف الإسلام في فرنسا ماكرون وملف الإسلام في فرنسا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon