توقيت القاهرة المحلي 22:47:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل جاء وقت حرب بانون وكوشنر فى الشرق الأوسط؟

  مصر اليوم -

هل جاء وقت حرب بانون وكوشنر فى الشرق الأوسط

بقلم - عبد العظيم حماد

فى يوم 17 مارس من العام الماضى كتبنا هنا تحت عنوان «حرب ستيف بانون الحتمية فى الشرق الأوسط» أن الإدارة الأمريكية الجديدة تؤمن بوجوب دخول الولايات المتحدة فى حرب كبيرة، وأنها حددت ثلاث جبهات محتملة لهذه الحرب، هى: أولا: بحر الصين، أى ضد كوريا الشمالية، وربما الصين أيضا، وثانيا: بحر البلطيق، أى ضد روسيا، وثالثا: الخليج والشرق الأوسط، أى ضد إيران وحلفائها من دول وميليشيات، وكذلك ضد تنظيمات الإسلام السنى المتطرفة، كداعش ونظرائها.
فى ذلك المقال رجحنا أن يختار صناع القرار الأمريكى منطقتنا، لأنها الأكثر رخاوة، والأكثر التهابا، ولعدم امتلاك الخصوم المستهدفين أسلحة دمار شامل، ولوجود محرضين إقليميين مؤثرين فى واشنطن، مثل إسرائيل والسعودية.

ومن باب استيفاء العرض تجدر الإشارة إلى أن ستيف بانون كبير المخططين الاستراتيجيين فى البيت الأبيض فى ذلك الوقت، وزعيم اليمين الشعبوى الأمريكى يمد نشاطه التبشيرى إلى أوروبا الآن، وأنه استمد عقيدته المشئومة تلك من كتاب من أمهات الكتب، للمؤرخين الكبيرين نيل هاو، ووليم شتراوس، هذا الكتاب الصادر عام 1997 يطرح نموذجا تفسيريا للتحولات الكبرى فى التاريخ الأمريكى يفهم منه أن التحول يقع كل 90 عاما، ويستغرق عقدين من الزمان، تتخللهما حرب كبيرة، وأن التحول الحالى بدأ منذ عام 2008.

على الرغم من أن البروفسير هاو تبرأ مما وصفه برؤية بانون الظلامية للتاريخ وللعالم، كما تبرأ من تعسف الأخير فى استنتاج حتمية الحرب خلال العقد الحالى من كتابه المشار اليه، قائلا إنه وشريكه المتوفى تحدثا عن الحرب كإمكانية محتملة فقط، وكذلك على الرغم من أن بانون ترك منصبه فى الصيف الماضى، فإن دوره فى الدفع نحو «حرب كبرى» لم يتوقف لدى أجهزة صنع السياسة، ومراكز الفكر الاستراتيجى، وأيضا لدى الرأى العام، مثله فى ذلك مثل ريتشارد بيرل الملقب بأمير الظلام فى إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، الذى ظل مؤثرا بقوة بعد مغادرة منصب رئيس مجلس التخطيط الاستراتيجى فى البنتاجون، وليس ذلك الا لأن كلا منهما (أى بانون وبيرل) يمثل ويقود تيارا أيديولوجيا قويا، وجماعات سياسية نافذة، كانت تسمى فى عهد بوش الابن بالمحافظين الجدد، وتعرف الآن فى عهد ترامب باليمين الشعبوى، وفى الحالتين فإن أفكار ومزاج هذه الجماعات تتطابق مع أفكار ومزاج ساكن البيت الأبيض وأركان إدارته، وهو ما تعزز فى حالة الرئيس ترامب بالتغييرات الأخيرة فى مناصب وزير الخارجية ومدير المخابرات المركزية، ومستشار الأمن القومى.

كان ذلك هو الفصل الأول فى الرواية التى يقوم فيها بانون بدور الأب الروحى للحرب المقبلة فى الشرق الأوسط، أما الفصل الثانى فقدمته مجلة «ذا نيويوركر» فى تقرير مستفيض حول زيارة الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى الأخيرة والمطولة للولايات المتحدة، وهو تقرير يصرح كاتبه ديكستر فيلينكس منذ البداية، بأنه يستقى معظم معلوماته وتقديراته من ستيف بانون ولا أحد غيره، وخلاصته أن جاريد كوشنر مسئول الشرق الأوسط فى البيت الأبيض، وزوج ابنة الرئيس الأمريكى يتبنى الرؤية «البانونية» نفسها بالكامل فى المنطقة، ويضيف نقلا عن الرجل «أن الشرق الأوسط والخليج هما المنطقتان أو الموضوعان الوحيدان اللذان لم يحدث حولهما أى خلاف بينى وبين كوشنر، على الرغم من أننا اختلفنا حول كل شىء آخر» ثم ينتقل كاتب تقرير «ذا نيويوركر» خطوة أخرى فيقول إن كوشنر وطد علاقة تفاهم قوية مع بن سلمان حول معظم قضايا الشرق الأوسط والخليج، وأنه يثق فى صلابة وتصميم ولى العهد السعودى.

إذن فقد أصبحت حرب ستيف بانون، وجاريد كوشنر الكبرى فى الشرق الأوسط أقرب احتمالا الآن من أى وقت مضى، طبقا لهذا التحليل، ولكن هل ستنفجر هذه الحرب بمواصفاتها سابقة التجهيز، من خلال الأزمة الحالية حول استخدام أسلحة كيماوية فى مدينة دوما السوريا؟ أم سيبقى الرد الأمريكى محدودا فى إطار تثبيت الخط الأحمر بحظر استخدام هذا النوع من الأسلحة من جانب النظام السورى، حتى وإن طال أمد القصف الأمريكى، وازدادت كثافته؟
لا أحد بالطبع يملك إجابة قاطعة إلا صناع القرار الأمريكى وشركاؤهم فى السعودية وإسرائيل.

غير أن محاذير الحرب الكبرى، وخاصة مع استخدام قوات برية تبقى كثيرة، ولا يستهان بها، منها خطر المواجهة الأمريكية الروسية، وخطر اندلاع حرب موازية بين إسرائيل وحزب الله، حتى وإن كان الإسرائيليون يتحرقون رغبة فى الخلاص من كابوس هذا الحزب، ومنها ثالثا احتمال فتح جبهات فى الخليج وبحر العرب وباب المندب، بما ينطوى عليه ذلك من آثار مدمرة على الاقتصاد والتجارة الدوليين.

ليست هذه فقط هى الأسباب المرجحة لبقاء الضربة الأمريكية المقبلة لسوريا فى إطار محدود، إذ تنذر دروس الخبرة الأمريكية فى حروب ما بعد الحرب العالمية الثانية بالفشل السياسى، وربما بالنتائج العكسية على طول الخط، فهذا ما حدث فى فيتنام، وفى غزو كل أفغانستان والعراق، وفى الحالتين الأخيرتين كانت إيران هى الكاسب الأكبر من الغزو الأمريكى.
ولا تكتمل دروس الخبرة الأمريكية السلبية فى حروب ما بعد الحرب العالمية الثانية الا بالانتباه إلى أن أكبر وأطول حرب كسبتها الولايات المتحدة هى تلك التى لم تطلق فيها رصاصة واحدة، وهى الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتى.. القوة العظمى الثانية فى العالم، وضد الأيديولوجية الشيوعية، الأكثر جاذبية فى وقتها لكتل هائلة من البشر على امتداد القارات الست، وفى هذا السياق نفسه يمكن القول إن الولايات المتحدة كسبت معركة حصر التوسع الشيوعى من الصين فى جنوب شرق آسيا بعد انسحابها العسكرى من فيتنام، واستخدام الوسائل السلمية، وفى مقدمتها الانفتاح على الصين نفسها، والتعاون فى ميادين التنمية الاقتصادية والتجارة.

عند هذا الحد من التحليل يكون السؤال الأخير والأهم هو: أى طراز من الرجال هم صناع الاستراتيجية والقرار فى الولايات المتحدة الآن.. أى طراز من الرجال هم ترامب وكوشنر وبولتون وبومبيو؟! هل هم من طراز بوش الابن ورجاله.. دونالد رامسفيلد وريتشارد بيرل وبول فولفويتز وإليوت أبرمز الأيديولوجيين، ضيقى الأفق، المغرورين بغطرسة القوة، ممن تحركهم عقيدة التفوق العنصرى والثقافى، وأوهام المشروع الإمبراطورى؟ أم هم من طراز بوش الأب ورجاله.. جيمس بيكر وبيرينت سكوكروفت وغيرهم.. المتحررين من سطوة الأيديولوجية، وغطرسة القوة، الذين فهموا أن عصر الإمبراطوريات ولى وانقضى، فلم يغرهم الانتصار على صدام حسين فى الكويت بغزو العراق مثلا؟!

أخشى أن الإجابة لا تبشر بخير.

بالمناسبة لماذا لم تُدْلِ أى عاصمة عربية غير خليجية برأيها فى الخطط الأمريكية نحو سوريا؟ ولماذا تلوذ الجامعة العربية بالصمت؟

نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل جاء وقت حرب بانون وكوشنر فى الشرق الأوسط هل جاء وقت حرب بانون وكوشنر فى الشرق الأوسط



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت

GMT 14:38 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

جاكيتات "جلد النمر" الرائعة موضة العام المقبل

GMT 10:24 2015 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"كلام من القلب" يقدم طرق علاج كسور الفخذ

GMT 04:18 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

منال جعفر بإطلالة "رجالي" في آخر ظهور لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon