توقيت القاهرة المحلي 03:34:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

متى يظهر حزب الأغلبية

  مصر اليوم -

متى يظهر حزب الأغلبية

بقلم - عبد العظيم حماد

كثيرون هم الذين تفاءلوا بالحديث فى أوائل الصيف الحالى عن الاتجاه لتشكيل حزب أغلبية، بمن فى ذلك أغلب الشخصيات الجادة فى أحزاب المعارضة غير المدجنة، ولكن ها هو ذا الصيف يوشك على نهايته ولم يظهر بعد هذا الحزب، بل توقف الحديث عنه تماما.

كذلك توقف الحديث الذى راج أيضا فى ذلك الوقت نفسه عن تشكيل ائتلاف معارض رئيسى بقيادة حزب الوفد، تحت قيادته الجديدة.

وفى الحالتين لم يقدم أحد ــ من الذين تحدثوا ــ تفسيرا لما جرى، لا من صفوف الحكومة، ولا فى صفوف المعارضة المأمولة.

أما لماذا تفاءل الكثيرون بالتحرك نحو تشكيل حزب الأغلبية، فلأنهم اعتبروها خطوة مهمة نحو عودة الروح للحياة السياسية، أو فى أقل القليل الجمع بين الأدوات السياسية الغائبة حاليا، وبين الأدوات والأساليب الأمنية والبيروقراطية الحاضرة بقوة فى إدارة الشأن العام.

وكان من الأسباب الظرفية المهمة للتفاؤل بقرب تشكيل الظهير السياسى للحكم أنها بعثت بمناسبة إعادة انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسى لفترة رئاسية ثانية، فسرى الاعتقاد بأن القرار اتخذ على المستوى الأعلى، كذلك كان من الأسباب الظرفية المهمة لليقين بأنها لم تعد إلا مسألة وقت حتى يولد هذا التنظيم الحزبى تواتر الحديث بقوة حول مشروع لتعديل الدستور الحالى، بما يطيل أمد الفترة الرئاسية الواحدة، وبما يلغى قيد الفترتين الرئاسيتين، إذ إن مشروعا كهذا بكل آثاره وردود الفعل المتوقعة عليه داخليا وخارجيا لا يمكن أن يطرح إلا فى سياق سياسى، أى حزبى منظم أو شبه منظم، بغض النظر عن النتيجة النهائية.

وفى غيبة التفسيرات الموثوقة فليس أمام المراقب سوى التكهن بأسباب تعثر محاولات تشكيل حزب الأغلبية وكذلك أسباب تعثر محاولات تشكيل ائتلاف المعارضة، وفى الغالب فإنها نفس الأسباب التى تضعف الحركة الحزبية المصرية عموما، أى هى نفس الأسباب التى اعتاد الرأى العام والإعلاميون السلطويون، أن يتهموا بها أحزاب المعارضة، كالمنافسات الشخصية، والصراعات حول المصالح والمناصب، وانعدام أو ضعف القواعد الجماهيرية، يضاف إليها بالطبع الآفات المزمنة لأحزاب السلطة فى مصر.

لقد بحثت هذه الفكرة لأول مرة فيما عرف باجتماعات سهل حشيش منذ ثلاثة أعوام، دون نتائج عملية، وأعيد طرحها فى أثناء حملة الانتخابات الرئاسية الأخيرة وبعدها، ويقال إنها طرحت للمرة الثالثة منذ أيام للبحث فى اجتماعات حزبية فى شرم الشيخ، ويبدو عدم الاهتمام الاعلامى بهذه الاجتماعات الأخيرة مؤشرا على بقاء الحال على ما هو عليه.

أكثر ما يعنينا فى العرض السابق هو أن ما ينطبق على أحزاب المعارضة ينطبق أيضا على أحزاب الموالاه، بما يعنى أن السبب الأصلى لبؤس الحركة الحزبية فى مصر واحد فى الحالتين، وبالطبع فهو معروف للجميع، ولن يكون سوى طبيعة النظام السياسى القائم على اليقين بأن مصدر السلطة مستقل، بل ومنفصل عن التنظيمات الحزبية والسياسية، وليس منبثقا منها، إلا أن الأكثر أهمية من فهم السبب هو فهم النتائج، أى النتائج بعيدة المدى لاستمرار هذه الحالة من الفراغ السياسى الشامل، وهى حالة لم تشهدها مصر من قبل على هذا النحو، حتى فى أقوى عهود الشمولية فيها، وحتى مع التسليم بمحدودية دور هيئة التحرير، فالاتحاد القومى، فالاتحاد الاشتراكى، فحزب مصر، وحتى الحزب الوطنى.

وإذا استعرضنا أوضاع البلدان المجاورة، ولا نقول بقية دول العالم، فسوف نجد أن كل جيراننا باستثناء دول الجزيرة العربية والخليج يعرفون أنماطا مختلفة من التنظيمات السياسية والحزبية، فإذا كانت الطبيعة القبلية لمجتمعات الخليج مبررا كافيا لدى البعض لعدم السماح بالحركة الحزبية، فكيف يمكن أن تسوغ مصر نفسها هذا الوضع؟، بل إن الطبيعة الشمولية أو السلطوية لنظام الحكم لا تكفى هى أيضا لاستبقاء هذا الفراغ السياسى، فقد رأينا توا أن مصر لم تخل نهائيا من العمل الحزبى فى كل مراحل نظام يوليو السابقة، كما نرى أن دولا كالسودان، والجزائر، والاردن، بل
وسوريا، وحتى دولة جنوب السودان الوليدة لا تخلو من التنظيمات والأنشطة السياسية، وهى جميعا ليست أمثلة نموذجية للديموقراطية والتعددية، بل إنها تخضع كلها لنظم سلطوية شمولية فى نهاية المطاف، ودعنا من أمثلة المغرب وتونس.

ما هى مخاطر هذا الوضع؟
إن مجتمعا تبلغ نسبة الأجيال الشابة فيه أكثر من نصفه، وتبلغ نسبة الفقراء فيه حوالى الثلث مع التفاؤل، ولديه مواريث عميقة من الاهتمام والحركة السياسية، آخرها ثورة يناير 2011، وإسقاط حكم الإخوان المسلمين فى 30 يونيو 2013... هذا المجتمع الذى يفرز رأيا عاما قويا، برغم القيود على الصحافة والاعلام، لن يستطيع التعايش طويلا مع انسداد القنوات السياسية السلمية، ولن تمر فيه ــ دون متاعب ــ الاستحقاقات السياسية التى لا مهرب منها، كانتخابات المحليات، والنقابات، والبرلمان، والانتخابات الرئاسية، فهذه كلها مناسبات وميادين للعمل السياسى، وإذا أمكن مرة أو مرات تمرير بعض هذه الاستحقاقات بوسائل إدارية، أو أمنية، أو دعائية، فلن تبقى هذه الوسائل ناجعة أو كافية إلى ما لا نهاية.

من المخاطر كذلك أن استشراء حالة الفراغ السياسى يحرم الكوادر المهتمة والمؤهلة من خبرات التنظيم والاتصال، كما يحرم التنظيمات من التمويل المشروع، ومن التفاعل مع قواعدها الجماهيرية، وهذه هى أدوات الفعل والحركة السياسية المعتادة فى العمل الديمقراطى السلمى، ومن ثم تبقى الساحة خالية ومختلة لمصلحة التنظيمات والاتجاهات التى تمتلك منذ عقود طويلة كل هذه الأدوات والخبرات، وبالطبع فهؤلاء هم التنظيمات المتطرفة بكل أنواعها.

على أية حال لم تضع الفرصة بعد، ولا يزال هناك وقت للمراجعة وإعادة التقويم، خصوصا وأن بعض الاستحقاقات المهمة آتية لا محالة، سواء الانتخابات المحلية التى أجلت كثيرا، أو الانتخابات البرلمانية التى لا يمكن تأجيلها، أو الانتخابات الرئاسية لعام 2022.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى يظهر حزب الأغلبية متى يظهر حزب الأغلبية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت

GMT 14:38 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

جاكيتات "جلد النمر" الرائعة موضة العام المقبل

GMT 10:24 2015 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"كلام من القلب" يقدم طرق علاج كسور الفخذ

GMT 04:18 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

منال جعفر بإطلالة "رجالي" في آخر ظهور لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon