توقيت القاهرة المحلي 09:04:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حين يُنصت الرئيس

  مصر اليوم -

حين يُنصت الرئيس

بقلم - نادين عبدالله

شهدنا منذ أيام قليلة خطابًا تاريخيًا للرئيس الفرنسى، تعقيبًا على المظاهرات الممتدة التى هزت أنحاء فرنسا. وعلى الرغم من تأييد ما يقرب من نصف الفرنسيين للخطاب٬ وفقا لاستطلاعات الرأى الأخيرة٬ فإن رافضيه انقسموا ما بين معترض على التنازلات التى قدمها ماكرون، على اعتبار أنها قد تفتح بابًا لابتزاز النظام، فى حين وجدها آخرون غير معبرة عن تغيير حقيقى فى جوهر السياسات المتبعة. ووجهة نظرنا هى أنه يحسب لرئيس فرنسا أمران مهمان:

أولاً٬ إدراكه عمق الأزمة الاقتصادية، فهو لم يكابر، بل أنصت لصوت المحتجين٬ وأقر بسوء أحوالهم المعيشية٬ فاعترف بعدم عدالة بعض سياساته الضريبية، بل اعتذر عن وصف البعض سابِقًا بالمدلل أو الكسول. والحقيقة أن الرئيس وحكومته يجدان نفسيهما بين سندان اقتصاد فرنسى مأزوم تناقصت فاعليته على مدار عشرات السنين٬ ومطرقة ضغوط اجتماعية قوية لفئات ساءت ظروفها المعيشية بشكل ملحوظ. الأول يتطلب إصلاحات اقتصادية مؤلمة لجعل الاقتصاد الفرنسى أكثر رشاقة٬ والثانية تتطلب التوسع فى إجراءات الحماية الاجتماعية وزيادة الأجور والمعاشات، على الرغم من العبء الذى تشكله على ميزانية الدولة. وهنا كان الحل المقترح هو التصميم على إلغاء الضريبة على ثروة الأغنياء من كبار رجال الأعمال وغيرهم لتشجيعهم على الاستثمار فى فرنسا٬ مع زيادة الحد الأدنى للأجور وإلغاء الضرائب المفروضة على الأقل دخلا لتحسين ظروفهم ولو قليلاً.

ثانيًا٬ فهمه لأزمة النظام السياسى العميقة فى فرنسا٬ والتى كان أحد تجلياتها وصوله أصلاً إلى السلطة متحديًا كل الأحزاب والقوى السياسية القديمة- كما اعترف بنفسه فى خطابه- لضعف حضورها فى الشارع. أما تجليها الثانى فهو بالضبط بزوغ حركة السترات الصفراء٬ تلك التى نظمت نفسها من خارج الأحزاب والنقابات التى ضعفت قدرتها على تمثيل المجتمع الفرنسى والتعبير عنه. لذا فقد أكد شروعه فى إجراءات تفتح الباب لخلق قنوات تواصل جديدة بين المجتمع (بمحتجيه ومتظاهريه) وبين الدولة، للبدء فى حوار يهدف إلى صياغة عقد اجتماعى جديد. وهو بالضبط ما يتطلبه أى مجتمع يمر بأزمة وهن اقتصادى٬ وضعف قنوات التمثيل السياسى، بما يجعل ما كان مقبولاً للبعض سابقا غير متفق عليه حاليا بالنسبة لآخرين.

والحقيقة أن التنازلات التى قدمها ماكرون لو لم تفتح الباب لتغييرات عميقة فى النظام الفرنسى، فستكون قدمت له على الأقل صمامًا للأمان. فما يبدو للبعض ضعفًا هو قوة٬ وما يبدو لآخرين صلابة ليس سوى طريق للانكسار.

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين يُنصت الرئيس حين يُنصت الرئيس



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon