توقيت القاهرة المحلي 14:27:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حين يُنصت الرئيس

  مصر اليوم -

حين يُنصت الرئيس

بقلم - نادين عبدالله

شهدنا منذ أيام قليلة خطابًا تاريخيًا للرئيس الفرنسى، تعقيبًا على المظاهرات الممتدة التى هزت أنحاء فرنسا. وعلى الرغم من تأييد ما يقرب من نصف الفرنسيين للخطاب٬ وفقا لاستطلاعات الرأى الأخيرة٬ فإن رافضيه انقسموا ما بين معترض على التنازلات التى قدمها ماكرون، على اعتبار أنها قد تفتح بابًا لابتزاز النظام، فى حين وجدها آخرون غير معبرة عن تغيير حقيقى فى جوهر السياسات المتبعة. ووجهة نظرنا هى أنه يحسب لرئيس فرنسا أمران مهمان:

أولاً٬ إدراكه عمق الأزمة الاقتصادية، فهو لم يكابر، بل أنصت لصوت المحتجين٬ وأقر بسوء أحوالهم المعيشية٬ فاعترف بعدم عدالة بعض سياساته الضريبية، بل اعتذر عن وصف البعض سابِقًا بالمدلل أو الكسول. والحقيقة أن الرئيس وحكومته يجدان نفسيهما بين سندان اقتصاد فرنسى مأزوم تناقصت فاعليته على مدار عشرات السنين٬ ومطرقة ضغوط اجتماعية قوية لفئات ساءت ظروفها المعيشية بشكل ملحوظ. الأول يتطلب إصلاحات اقتصادية مؤلمة لجعل الاقتصاد الفرنسى أكثر رشاقة٬ والثانية تتطلب التوسع فى إجراءات الحماية الاجتماعية وزيادة الأجور والمعاشات، على الرغم من العبء الذى تشكله على ميزانية الدولة. وهنا كان الحل المقترح هو التصميم على إلغاء الضريبة على ثروة الأغنياء من كبار رجال الأعمال وغيرهم لتشجيعهم على الاستثمار فى فرنسا٬ مع زيادة الحد الأدنى للأجور وإلغاء الضرائب المفروضة على الأقل دخلا لتحسين ظروفهم ولو قليلاً.

ثانيًا٬ فهمه لأزمة النظام السياسى العميقة فى فرنسا٬ والتى كان أحد تجلياتها وصوله أصلاً إلى السلطة متحديًا كل الأحزاب والقوى السياسية القديمة- كما اعترف بنفسه فى خطابه- لضعف حضورها فى الشارع. أما تجليها الثانى فهو بالضبط بزوغ حركة السترات الصفراء٬ تلك التى نظمت نفسها من خارج الأحزاب والنقابات التى ضعفت قدرتها على تمثيل المجتمع الفرنسى والتعبير عنه. لذا فقد أكد شروعه فى إجراءات تفتح الباب لخلق قنوات تواصل جديدة بين المجتمع (بمحتجيه ومتظاهريه) وبين الدولة، للبدء فى حوار يهدف إلى صياغة عقد اجتماعى جديد. وهو بالضبط ما يتطلبه أى مجتمع يمر بأزمة وهن اقتصادى٬ وضعف قنوات التمثيل السياسى، بما يجعل ما كان مقبولاً للبعض سابقا غير متفق عليه حاليا بالنسبة لآخرين.

والحقيقة أن التنازلات التى قدمها ماكرون لو لم تفتح الباب لتغييرات عميقة فى النظام الفرنسى، فستكون قدمت له على الأقل صمامًا للأمان. فما يبدو للبعض ضعفًا هو قوة٬ وما يبدو لآخرين صلابة ليس سوى طريق للانكسار.

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين يُنصت الرئيس حين يُنصت الرئيس



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon