بقلم - نادين عبدالله
للنظام التعليمى الجديد المقترح مميزات عدة٬ فهو على الأقل عبر عن اعتراف حقيقى للدولة بوجود قصور فى مجال التعليم٬ ومحاولتها تقديم رؤية جديدة لإصلاحه. ومع ذلك يظل من حق الجميع طرح تساؤلات حقيقية فيما يتعلق بقدرة الرؤية المطروحة على علاج مشكلات التعليم الهيكلية والجوهرية فى مصر٬ وأيضا فى قدرتها على توزيع الموارد المالية القليلة المتاحة لإصلاح التعليم بالشكل الأمثل.
بالفعل٬ هناك تخوف حقيقى من قدرة البرنامج الإصلاحى المطروح على الإتيان بثماره لأنه يبدأ٬ بطريقة ما٬ من حيث انتهى الآخرون. فالغالبية العظمى من الدراسات فى مجال إصلاح التعليم أكدت أن مفتاح الإصلاح يكمن فى المعلم وليس فى ادخال التكنولوجيا أو فى استحداث المناهج التعليمية. فهذه الأخيرة مهمة ومرحب بها لكنها تظل بلا معنى من دون معلم كفء فى مجال المواد الدراسية٬ وفى مجال علم التربية والتواصل مع الطلاب. ومن ثم٬ فإن الأولى هو الاستثمار فى المعلم لأنه حجر أساس العملية التعليمية: فهو الذى يدرس المنهج٬ وهو الذى يتفاعل مع عمليان التحديث والتكنولوجيا٬ وهو الذى يتواصل مع التلاميذ. وهو ما يعن٬ أن أى تحسين فى المناهج الدراسية أو فى أساليب التعليم يتطلب تأهيل مضاعف للمعلم وإلا فقدت هى معناها وجدواها.
وفى هذا الصدد٬ يحدثنا البعض عن برامج تأهيل وتدريب للمعلمين (وبغض النظر عن أعداد المعلمين المشاركين فيها أو قدرة هذه التدريبات فى تغيير الكثير) إلا أنه من غير المؤكد أن يأتى التدريب بثماره لو لم يفكر القائمون على الأمر فى أهمية توفير حافز منطقى للمدرس. فما هو حافز المعلم فى التدريب والتعليم فى ظل تدنى وضعه الاجتماعى والمالى؟ فعليًا٬ يتطلب هنا الاستثمار فى المدرس٬ نظرة جادة فيما يتعلق بهيكلة الأجور٬ وهو ما يتطلب بشكل ما زيادة الإنفاق على التعليم (لأن الإنفاق على أجور ما يفوق مليون معلم وإدارى يستنزف أصلاً حوالى 78٪ من ميزانية التعليم فى مصر).
فلا يمكن أن تطالب، كدولة، بمعلم مؤهل من دون أن توفر له أى حافز للإنجاز والحياة الكريمة. فعليًا٬ البلاد التى نجحت هى تلك التى استثمرت فى المعلم ووفرت له أجرا جاذبا فأصبح حلم أفضل المتخرجين أن يصيروا معلمين! أما فى مصر٬ فالعكس غالبًا صحيح٬ وسيظل هكذا إن لم يكن هناك تدخل جراحى لإصلاحه بشكل جذرى. فهل سنفكر فى الأمر أم سندفن رؤوسنا فى الرمال٬ مكتفين بالأحلام أو الأوهام؟
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع