توقيت القاهرة المحلي 09:04:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بين تشدد وتطرف

  مصر اليوم -

بين تشدد وتطرف

بقلم - نادين عبدالله

فجعنا جميعًا بنبأ مقتل الراهب الجليل، الأنبا إبيفانيوس، رئيس دير الأنبا مقار. وقد عرف الأنبا إبيفانيوس بعلمه الغزير، فكان يجيد عدة لغات منها اليونانية، مما مكنه من الاطلاع على أمهات الكتب اللاهوتية والعقائدية، وأعطى أبحاثه وعلمه ثقلا وتميزا. وقد عرف بتلمذته للأنبا متى المسكين، المعروف أيضًا بكتاباته العميقة والمنفتحة، والذى طالما آمن أن الوحدة المسيحية بين الكنائس قابلة للتحقق.

وسار على درب معلمه، وعرف بانفتاحه؛ فقدم دراسات عقيدية ولاهوتية للمجمع المقدس تؤكد على إمكانية التقارب، وصار ممثلاً للكنيسة فى مؤتمر حوار الأديان بإيطاليا، بل استرشد به البابا تواضروس فى أمور عدة، كما أفصح هو بنفسه يوم صلاة الجناز.

ورغم أننا لا نعرف الكثير عن ملابسات الحادث الأليم أو أسبابه (ولا نريد التكهن بها) إلا أن هذه الجريمة تلقى بظلالها على ما هو معروف لدى الكثيرين من المتابعين للشأن القبطى والكنسى: الصراع، الضمنى أحيانِا والظاهر فى أخرى، بين تيارين داخل الكنيسة القبطية أحدهما محافظ، والآخر أكثر ميلاً للتجديد والانفتاح فى وقت يبدو فيه أن انتماء البابا الحالى وتوجهه أقرب الى التيار الثانى منه إلى الأول. وهو بذلك فى موقف مؤلم وصعب لأنه يجد نفسه بين مطرقة تشدد المحافظين من الكنسيين داخليًا، وسندان تطرف الإرهابيين الإسلاميين أو الداعشيين خارجيًا.

والحقيقة هى أن الإنسان، كونه ضعيفا، يميل فى أوقات الأزمات أو المخاوف إلى التقوقع والمحافظة بشكل عام. وهو أمر مفهوم خاصة أن وتيرة الهجمات الإرهابية كانت قد تزايدت فى الآونة الأخيرة مع صعود خطر داعش وجرائمه التى نالت، مؤخرًا، من الأقباط بشكل ملحوظ ومخيف. وفى ظل التهديد الوجودى الذى شكلته هذه الأحداث الإرهابية الآثمة، والواقع المؤلم الذى خلقته، أصبح الميل الى الانفتاح بأنواعه أصعب من أى وقت. ففى مثل هذه الأوقات تصير المواقف المتشددة أو المحافظة عقيديًا أو اجتماعيًا أسهل اتخاذًا، وانتشارًا بل قبولاً.

ومع ذلك لا يسجل التاريخ سوى المواقف الشجاعة تلك التى لا تخشى التطرف، وتواجه التشدد بالحجج المضادة، فتقهر الظلمة فى عز سطوتها، وتنتصر عليها بالرغم من استسهال البعض الانصياع وراء ظلالها تلك التى توحى للمختبئ فيها بالراحة مع أنها تمنع، فى الوقت نفسه، نور الشمس من التوغل والانتشار.

للأسف، تعيش الكنيسة القبطية لحظة ضغوط صعبة ودقيقة، ومع ذلك يؤكد لنا تاريخها، بل قواعد الكون نفسه، أن النور أقوى من الظلام ولو طال عمره.

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين تشدد وتطرف بين تشدد وتطرف



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon