توقيت القاهرة المحلي 09:04:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اعتياد القبح

  مصر اليوم -

اعتياد القبح

بقلم - نادين عبدالله

عندما تسافر خارج مصر لتزور دولاً غربية أوروبية غنية أو حتى فقيرة نسبياً «مثل دول أوروبا الشرقية»، بل عددا غير قليل من الدول العربية ذات مستوى الدخل المتوسط «أو أقل من المتوسط»، تندهش من أهمية الجمال كقيمة يقدرها الجميع دولة ومجتمعاً. وتستعجب حين يعتبرونها أولوية مثل التعليم والصحة وغيرهما من الأولويات٬ فيسعون جدياً لإعمالها والحفاظ عليها، كلٌّ على حسب الموارد والقدرات المتاحة٬ وهو أمر لا تشعر بوجوده فى مصر.

للجمال أنواع ودرجات ترتفع وفقاً للموارد المادية المتاحة٬ ووفقاً للطلب العام عليه٬ والشعور بأهمية الاستمتاع به. إلا أننا نتحدث هنا وفقط عن توافر الحد الأدنى منه: تخطيط عمرانى للمبانى بشكل جميل «بما يعنى أيضاً توفير سكن لائق لمحدودى الدخل للحد من ظاهرة الإسكان غير الرسمى»، الاهتمام بتشجير المساحات العامة٬ وتواجد مساحات خضراء جميلة٬ وجعلها متاحة للجميع وفقاً لقواعد وقوانين تضمن الحفاظ عليها، وضع آليات لضمان نظافة الشوارع والأحياء «بدلاً من أكوام القمامة المنتشرة فى الشوارع وأمام البيوت فى مصر فى أغلب الأحياء السكنية تقريباً». والحقيقة هى أن مساحات الجمال هذه متاحة «حتى ولو بدرجات مختلفة» فى دول غير بعيدة عنا٬ وهى ليست بالغنية٬ بما يُشعرك بالراحة والانبساط بمجرد أن تطأ قدماك أرضها.

قد يقول قائل إن المشكلة فى مصر هى فى غياب الموارد الكافية لتوفير الحد الأدنى من مقومات الجمال للمواطنين، إلا أن الحقيقة غير ذلك، فالأزمة الفعلية تكمن فى أن إعمال الجمال فى المساحات العامة ليس من أولويات الدولة من الأصل، تلك التى ذهبت٬ ولو بشكل ضمنى أو غير معلن٬ إلى خصخصة الجمال: فلو أردت العيش فى بيئة نظيفة٬ ولو أحببت أن تستمتع بوجود مساحات خضراء ومناظر مريحة للعين يمكن أن تحصل على ذلك فى المساحات الخاصة «فى الكومباوندز٬ فى الفيلات٬ فى النوادى الخاصة٬ وفى القرى السياحية... إلخ»، أما المساحات العامة «التى يتحرك فيها أغلب الشعب أغنياء وفقراء»، فتُترك لمصيرها القبيح. وفيما يتعلق بك فعليك فقط أن تتجرع القبح يومياً «حتى ولو استمتع القليلون ببعض مساحات الجمال الخاصة». أما المشكلة الكبرى فتكمن فى اعتياد القبح٬ واعتباره أمراً عادياً لا مفر منه سوى بالتأقلم معه، رغم أن أبشع الأمور هى الاعتياد، خاصة أن القبح المحيط يترك آثاره المؤلمة فى النفس، حتى وإن تعودت عليه٬ كما أن الجمال يطبع روعته فى الروح فيُنقِّيها ويُرقِّيها.

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعتياد القبح اعتياد القبح



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon