توقيت القاهرة المحلي 09:13:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفقاعة ليست حلاً

  مصر اليوم -

الفقاعة ليست حلاً

بقلم - نادين عبدالله

ذكرتنى الأحداِث المؤسفة التى شهدتها مصر فى الأيام القليلة الماضية إثر سقوط الأمطار بمقال كتبته منذ عامين بعنوان: «مهلاً، الفقاعة، ليست حلاً». فقد شاءت الأقدار أن تكون المناطق الأكثر تضررًا، على غرار منطقة التجمع الخامس، هى الأحدث زمنيًا، والأكثر ثراءً، بل انعزالاً أيضًا. للأسف، لم يستفد سكانها، الذين دفعوا أموالاً طائلة للحياة فى مكان أكثر تعولمًا وأقل تلوثًا عن قلب القاهرة، بل على العكس تضرروا حين تهالك العديد من الأسطح، وغرقت الشوارع فحبس المواطنون فى سيارتهم لساعات طويلة، وهو أمر كارثى بجميع المقاييس.

وبعدها بأيام قليلة، كشف تقرير هيئة الرقابة الإدارية عن سبب أو أسباب هذه الكارثة التى ألمت بالبنية التحتية لمنطقة القاهرة الجديدة، فذكر منها الخلل فى محطات الرفع، ومولدات الكهرباء وشبكات الحريق وبعض لوحات التحكم الرئيسية لتشغيل الطلمبات الخاصة بنظام الصرف الصحى بالقاهرة الجديدة، بالإضافة إلى المخالفات التى شابت إجراءات تسليم وتسلم محطات الصرف بين جهاز مدينة القاهرة الجديدة وشركة الصرف الصحى بالقاهرة.

وهو ما يعنى بوضوح أن الانعزال داخل «واحات» أو «فقاعات» تخلقها الطبقات الأعلى اجتماعيِا لنفسها وتنغلق بداخلها سواء على مستوى التعليم أو الاستشفاء، أو السكن والترفيه ليس حلاً. ففى وقت يدرك فيه الكثيرون أن مزيدا من الضغوط المالية متوقع، وأن التحسن فى الخدمات العامة للدولة، من تعليم وصحة وبنية تحتية ليس، بالتبعية، متوقعا حدوثه قريبًا، تتجه الطبقات الميسورة إلى مزيد من التقوقع، ولسان حالها لن نراقب الدولة، ولن نسائلها بل لن نطلب منها شيئًا، فلتتركنا فقط نبتعد عنها بهدوء لنعيش فى «واحتنا» البديلة. وهو فى الحقيقة، توجه يتقاطع مع سياسات حكومية اجتماعية وعمرانية ربما تعزز الفرضية ذاتها حيث الإصرار على خلق بؤر حديثة ومناطق سكنية جديدة فى مناطق جغرافية أبعد، ناسية أو متناسية المناطق المهمشة الأقدم بمواطنيها ومعاناتهم.

وعلى كل، لا نسعى هنا إلى نقد خيارات قطاعات مجتمعية بعينها خاصة أننا نعلم أنها نتاج التدهور الحالى، ومن الطبيعى أن يسعى كل منا إلى حياة أفضل طالما استطاع لذلك سبيلاً. فاللجوء إلى التعليم الخاص، والمستشفيات الخاصة ثم إلى المجمعات السكنية الأكثر رقيًا وجمالاً وانعزالاً تلك التى تبنيها أيضًا شركات القطاع الخاص ما هى إلا محاولات للهروب من تردى الخدمات العامة للدولة، ومن القبح المحيط هنا وهناك. ولكن ما نسعى إلى مناقشته هنا هو بالأحرى هذه التصورات المغلوطة الناتجة عن خيارات ربما منطقية. فلا يمكن أن تنعم الطبقات الأعلى اجتماعيًا بالحياة التى تتمناها فى ظل دولة مترهلة تفتقر إلى الكفاءة والقانون أو إلى القدرة أو الرغبة فى إعماله. وبالتالى، فإن الهروب منها أو تجاهلها على الأرجح لن يفيد؛ إنما الإصرار على مساءلتها، ومراقبتها والضغط لإصلاح أدائها هو الحل الوحيد المجدى على المدى الأطول.

وهو ببساطة الأمر الذى دللت عليه حادثة الأمطار الأخيرة تلك التى تسبقها مثلاً (وبمعدل يومى) حوادث طرق مميتة. فتدهور الخدمات العامة والبنية التحتية قد يؤدى بحياتك (بعد الشر) وإن امتلكت مال قارون. وهذا يعنى أن أحوال الدولة المتدهورة قادرة على تحويل «واحات» الهدوء والسكينة إلى «غابات» هوجاء فى غمضة عين. لذا فإن جدار «الفقاعة» أكثر هشاشة مما يتخيل الكثيرون، كما أن أسوارها تزداد شفافية يومًا بعد يوم، فهل يوجد من يعى أن المفتاح لا يزال فى إصلاح الدولة وليس فى الهرب منها؟.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفقاعة ليست حلاً الفقاعة ليست حلاً



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon