توقيت القاهرة المحلي 09:00:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفقاعة ليست حلاً

  مصر اليوم -

الفقاعة ليست حلاً

بقلم - نادين عبدالله

ذكرتنى الأحداِث المؤسفة التى شهدتها مصر فى الأيام القليلة الماضية إثر سقوط الأمطار بمقال كتبته منذ عامين بعنوان: «مهلاً، الفقاعة، ليست حلاً». فقد شاءت الأقدار أن تكون المناطق الأكثر تضررًا، على غرار منطقة التجمع الخامس، هى الأحدث زمنيًا، والأكثر ثراءً، بل انعزالاً أيضًا. للأسف، لم يستفد سكانها، الذين دفعوا أموالاً طائلة للحياة فى مكان أكثر تعولمًا وأقل تلوثًا عن قلب القاهرة، بل على العكس تضرروا حين تهالك العديد من الأسطح، وغرقت الشوارع فحبس المواطنون فى سيارتهم لساعات طويلة، وهو أمر كارثى بجميع المقاييس.

وبعدها بأيام قليلة، كشف تقرير هيئة الرقابة الإدارية عن سبب أو أسباب هذه الكارثة التى ألمت بالبنية التحتية لمنطقة القاهرة الجديدة، فذكر منها الخلل فى محطات الرفع، ومولدات الكهرباء وشبكات الحريق وبعض لوحات التحكم الرئيسية لتشغيل الطلمبات الخاصة بنظام الصرف الصحى بالقاهرة الجديدة، بالإضافة إلى المخالفات التى شابت إجراءات تسليم وتسلم محطات الصرف بين جهاز مدينة القاهرة الجديدة وشركة الصرف الصحى بالقاهرة.

وهو ما يعنى بوضوح أن الانعزال داخل «واحات» أو «فقاعات» تخلقها الطبقات الأعلى اجتماعيِا لنفسها وتنغلق بداخلها سواء على مستوى التعليم أو الاستشفاء، أو السكن والترفيه ليس حلاً. ففى وقت يدرك فيه الكثيرون أن مزيدا من الضغوط المالية متوقع، وأن التحسن فى الخدمات العامة للدولة، من تعليم وصحة وبنية تحتية ليس، بالتبعية، متوقعا حدوثه قريبًا، تتجه الطبقات الميسورة إلى مزيد من التقوقع، ولسان حالها لن نراقب الدولة، ولن نسائلها بل لن نطلب منها شيئًا، فلتتركنا فقط نبتعد عنها بهدوء لنعيش فى «واحتنا» البديلة. وهو فى الحقيقة، توجه يتقاطع مع سياسات حكومية اجتماعية وعمرانية ربما تعزز الفرضية ذاتها حيث الإصرار على خلق بؤر حديثة ومناطق سكنية جديدة فى مناطق جغرافية أبعد، ناسية أو متناسية المناطق المهمشة الأقدم بمواطنيها ومعاناتهم.

وعلى كل، لا نسعى هنا إلى نقد خيارات قطاعات مجتمعية بعينها خاصة أننا نعلم أنها نتاج التدهور الحالى، ومن الطبيعى أن يسعى كل منا إلى حياة أفضل طالما استطاع لذلك سبيلاً. فاللجوء إلى التعليم الخاص، والمستشفيات الخاصة ثم إلى المجمعات السكنية الأكثر رقيًا وجمالاً وانعزالاً تلك التى تبنيها أيضًا شركات القطاع الخاص ما هى إلا محاولات للهروب من تردى الخدمات العامة للدولة، ومن القبح المحيط هنا وهناك. ولكن ما نسعى إلى مناقشته هنا هو بالأحرى هذه التصورات المغلوطة الناتجة عن خيارات ربما منطقية. فلا يمكن أن تنعم الطبقات الأعلى اجتماعيًا بالحياة التى تتمناها فى ظل دولة مترهلة تفتقر إلى الكفاءة والقانون أو إلى القدرة أو الرغبة فى إعماله. وبالتالى، فإن الهروب منها أو تجاهلها على الأرجح لن يفيد؛ إنما الإصرار على مساءلتها، ومراقبتها والضغط لإصلاح أدائها هو الحل الوحيد المجدى على المدى الأطول.

وهو ببساطة الأمر الذى دللت عليه حادثة الأمطار الأخيرة تلك التى تسبقها مثلاً (وبمعدل يومى) حوادث طرق مميتة. فتدهور الخدمات العامة والبنية التحتية قد يؤدى بحياتك (بعد الشر) وإن امتلكت مال قارون. وهذا يعنى أن أحوال الدولة المتدهورة قادرة على تحويل «واحات» الهدوء والسكينة إلى «غابات» هوجاء فى غمضة عين. لذا فإن جدار «الفقاعة» أكثر هشاشة مما يتخيل الكثيرون، كما أن أسوارها تزداد شفافية يومًا بعد يوم، فهل يوجد من يعى أن المفتاح لا يزال فى إصلاح الدولة وليس فى الهرب منها؟.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفقاعة ليست حلاً الفقاعة ليست حلاً



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon