توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المجتمع المظلوم

  مصر اليوم -

المجتمع المظلوم

بقلم : نادين عبدالله

كثيرًا ما نتحدث عن الشعب غير الواعى أو المجتمع غير المتعلم، الذى لا يعرف الصالح من الطالح أو الذى يسىء الاختيار دائمًا، شعب غير متقدم ومجتمع غير ناضج، هكذا نتهمه دائمًا. والحقيقة هى أن هذا المجتمع مظلوم ظلمًا بيِّنًا، يقع على أفراده منذ الصغر، ويستمر معهم حتى يصير جزءًا منهم.

ينشأ الفرد فى عائلة بها أب وأم يعيشان ظروفًا ضاغطة ليس بالضرورة بسبب الأوضاع المادية، بل لأن كل تفصيلة من تفاصيل الحياة فى هذا البلد متعبة أو مزعجة، ابتداءً من المشى فى الشارع أو قيادة السيارة، وانتهاءً بظروف العمل، وهى فى أغلبها لا تحترم ما يعرفه الغرب باسم «التوازن بين العمل والحياة»، بما يعنى ضرورة منح العامل فرصة كافية للاستمتاع بحياته، فلا يصير عبدًا للعمل وصاحبه.

يعيش هذا الطفل فى هذا البيت المضغوط عصبيًا، إن لم يكن ماديًا، ويتعلم ألّا يعبر عن نفسه بحرية، فيعتاد كتم مشاعره وأفكاره لأنه لا طاقة لأحد بالمنزل على تحمل انفجارات الأولى ولا قدرة لهم على مجابهة الثانية بالمنطق والحوار. يخرج هذا الطفل إلى العالم والجرح يملأ قلبه، فيصير إما مواطنًا مكبوتًا غير قادر على إقامة علاقات سوية أو إنسانًا ظالمًا يميل إلى القمع تعبيرًا وانعكاسًا لما عاشه فى طفولته.

ثم يتعرض هذا الطفل، الذى صار اليوم بالغًا، لنفس ضغوطات الحياة وظروف العمل القاسية، لتكتمل الحلقة المفرغة. ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل يزداد صعوبة حين يحين أوان التفكير فى الارتباط والزواج، وهنا الطامة الكبرى: لا يعطى المجتمع الحرية الكافية والمساحة المناسبة للشخص للتعرف على شريكة حياته، واختبار مشاعره تجاهها ومعرفة مدى ملاءمتها لطموحاته ورغباته واحتياجاته (والعكس صحيح). وهو ما يفسر إلى حد كبير فشل زيجات كثيرة وارتفاع معدلات الطلاق. يمر الزمن ويكبر الأولاد، ويتذكر كل من الطرفين أو إحداهما أنه غير سعيد، وأن جزءًا لا بأس به من حياته ذهب هباءً.

والمشكلة هى أن الآثار المأساوية لذلك الاكتشاف ولهذا الغضب والحزن المدفون الناتج عنه تمتد إلى المجتمع كله، فيصير مُحمَّلًا ومُعبَّأ بهذه الطاقات السلبية، التى تنتشر فيه كالنار فى الهشيم. وهنا تصير الحياة أصعب لأنك تشعر فى تعاملاتك اليومية مع أفراده بهذه المشاعر السلبية تجتاحك لتبدد طاقتك وتستنزفها بشكل مستمر، فمَن يعى ويدرك أن كسر هذه الدائرة المفرغة هو مفتاح حياة أفضل لنا جميعًا؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجتمع المظلوم المجتمع المظلوم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon