توقيت القاهرة المحلي 09:00:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المجتمع المظلوم

  مصر اليوم -

المجتمع المظلوم

بقلم : نادين عبدالله

كثيرًا ما نتحدث عن الشعب غير الواعى أو المجتمع غير المتعلم، الذى لا يعرف الصالح من الطالح أو الذى يسىء الاختيار دائمًا، شعب غير متقدم ومجتمع غير ناضج، هكذا نتهمه دائمًا. والحقيقة هى أن هذا المجتمع مظلوم ظلمًا بيِّنًا، يقع على أفراده منذ الصغر، ويستمر معهم حتى يصير جزءًا منهم.

ينشأ الفرد فى عائلة بها أب وأم يعيشان ظروفًا ضاغطة ليس بالضرورة بسبب الأوضاع المادية، بل لأن كل تفصيلة من تفاصيل الحياة فى هذا البلد متعبة أو مزعجة، ابتداءً من المشى فى الشارع أو قيادة السيارة، وانتهاءً بظروف العمل، وهى فى أغلبها لا تحترم ما يعرفه الغرب باسم «التوازن بين العمل والحياة»، بما يعنى ضرورة منح العامل فرصة كافية للاستمتاع بحياته، فلا يصير عبدًا للعمل وصاحبه.

يعيش هذا الطفل فى هذا البيت المضغوط عصبيًا، إن لم يكن ماديًا، ويتعلم ألّا يعبر عن نفسه بحرية، فيعتاد كتم مشاعره وأفكاره لأنه لا طاقة لأحد بالمنزل على تحمل انفجارات الأولى ولا قدرة لهم على مجابهة الثانية بالمنطق والحوار. يخرج هذا الطفل إلى العالم والجرح يملأ قلبه، فيصير إما مواطنًا مكبوتًا غير قادر على إقامة علاقات سوية أو إنسانًا ظالمًا يميل إلى القمع تعبيرًا وانعكاسًا لما عاشه فى طفولته.

ثم يتعرض هذا الطفل، الذى صار اليوم بالغًا، لنفس ضغوطات الحياة وظروف العمل القاسية، لتكتمل الحلقة المفرغة. ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل يزداد صعوبة حين يحين أوان التفكير فى الارتباط والزواج، وهنا الطامة الكبرى: لا يعطى المجتمع الحرية الكافية والمساحة المناسبة للشخص للتعرف على شريكة حياته، واختبار مشاعره تجاهها ومعرفة مدى ملاءمتها لطموحاته ورغباته واحتياجاته (والعكس صحيح). وهو ما يفسر إلى حد كبير فشل زيجات كثيرة وارتفاع معدلات الطلاق. يمر الزمن ويكبر الأولاد، ويتذكر كل من الطرفين أو إحداهما أنه غير سعيد، وأن جزءًا لا بأس به من حياته ذهب هباءً.

والمشكلة هى أن الآثار المأساوية لذلك الاكتشاف ولهذا الغضب والحزن المدفون الناتج عنه تمتد إلى المجتمع كله، فيصير مُحمَّلًا ومُعبَّأ بهذه الطاقات السلبية، التى تنتشر فيه كالنار فى الهشيم. وهنا تصير الحياة أصعب لأنك تشعر فى تعاملاتك اليومية مع أفراده بهذه المشاعر السلبية تجتاحك لتبدد طاقتك وتستنزفها بشكل مستمر، فمَن يعى ويدرك أن كسر هذه الدائرة المفرغة هو مفتاح حياة أفضل لنا جميعًا؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجتمع المظلوم المجتمع المظلوم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon