توقيت القاهرة المحلي 22:01:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المجتمع المظلوم

  مصر اليوم -

المجتمع المظلوم

بقلم : نادين عبدالله

كثيرًا ما نتحدث عن الشعب غير الواعى أو المجتمع غير المتعلم، الذى لا يعرف الصالح من الطالح أو الذى يسىء الاختيار دائمًا، شعب غير متقدم ومجتمع غير ناضج، هكذا نتهمه دائمًا. والحقيقة هى أن هذا المجتمع مظلوم ظلمًا بيِّنًا، يقع على أفراده منذ الصغر، ويستمر معهم حتى يصير جزءًا منهم.

ينشأ الفرد فى عائلة بها أب وأم يعيشان ظروفًا ضاغطة ليس بالضرورة بسبب الأوضاع المادية، بل لأن كل تفصيلة من تفاصيل الحياة فى هذا البلد متعبة أو مزعجة، ابتداءً من المشى فى الشارع أو قيادة السيارة، وانتهاءً بظروف العمل، وهى فى أغلبها لا تحترم ما يعرفه الغرب باسم «التوازن بين العمل والحياة»، بما يعنى ضرورة منح العامل فرصة كافية للاستمتاع بحياته، فلا يصير عبدًا للعمل وصاحبه.

يعيش هذا الطفل فى هذا البيت المضغوط عصبيًا، إن لم يكن ماديًا، ويتعلم ألّا يعبر عن نفسه بحرية، فيعتاد كتم مشاعره وأفكاره لأنه لا طاقة لأحد بالمنزل على تحمل انفجارات الأولى ولا قدرة لهم على مجابهة الثانية بالمنطق والحوار. يخرج هذا الطفل إلى العالم والجرح يملأ قلبه، فيصير إما مواطنًا مكبوتًا غير قادر على إقامة علاقات سوية أو إنسانًا ظالمًا يميل إلى القمع تعبيرًا وانعكاسًا لما عاشه فى طفولته.

ثم يتعرض هذا الطفل، الذى صار اليوم بالغًا، لنفس ضغوطات الحياة وظروف العمل القاسية، لتكتمل الحلقة المفرغة. ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل يزداد صعوبة حين يحين أوان التفكير فى الارتباط والزواج، وهنا الطامة الكبرى: لا يعطى المجتمع الحرية الكافية والمساحة المناسبة للشخص للتعرف على شريكة حياته، واختبار مشاعره تجاهها ومعرفة مدى ملاءمتها لطموحاته ورغباته واحتياجاته (والعكس صحيح). وهو ما يفسر إلى حد كبير فشل زيجات كثيرة وارتفاع معدلات الطلاق. يمر الزمن ويكبر الأولاد، ويتذكر كل من الطرفين أو إحداهما أنه غير سعيد، وأن جزءًا لا بأس به من حياته ذهب هباءً.

والمشكلة هى أن الآثار المأساوية لذلك الاكتشاف ولهذا الغضب والحزن المدفون الناتج عنه تمتد إلى المجتمع كله، فيصير مُحمَّلًا ومُعبَّأ بهذه الطاقات السلبية، التى تنتشر فيه كالنار فى الهشيم. وهنا تصير الحياة أصعب لأنك تشعر فى تعاملاتك اليومية مع أفراده بهذه المشاعر السلبية تجتاحك لتبدد طاقتك وتستنزفها بشكل مستمر، فمَن يعى ويدرك أن كسر هذه الدائرة المفرغة هو مفتاح حياة أفضل لنا جميعًا؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجتمع المظلوم المجتمع المظلوم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon