توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المجتمع المظلوم

  مصر اليوم -

المجتمع المظلوم

بقلم : نادين عبدالله

كثيرًا ما نتحدث عن الشعب غير الواعى أو المجتمع غير المتعلم، الذى لا يعرف الصالح من الطالح أو الذى يسىء الاختيار دائمًا، شعب غير متقدم ومجتمع غير ناضج، هكذا نتهمه دائمًا. والحقيقة هى أن هذا المجتمع مظلوم ظلمًا بيِّنًا، يقع على أفراده منذ الصغر، ويستمر معهم حتى يصير جزءًا منهم.

ينشأ الفرد فى عائلة بها أب وأم يعيشان ظروفًا ضاغطة ليس بالضرورة بسبب الأوضاع المادية، بل لأن كل تفصيلة من تفاصيل الحياة فى هذا البلد متعبة أو مزعجة، ابتداءً من المشى فى الشارع أو قيادة السيارة، وانتهاءً بظروف العمل، وهى فى أغلبها لا تحترم ما يعرفه الغرب باسم «التوازن بين العمل والحياة»، بما يعنى ضرورة منح العامل فرصة كافية للاستمتاع بحياته، فلا يصير عبدًا للعمل وصاحبه.

يعيش هذا الطفل فى هذا البيت المضغوط عصبيًا، إن لم يكن ماديًا، ويتعلم ألّا يعبر عن نفسه بحرية، فيعتاد كتم مشاعره وأفكاره لأنه لا طاقة لأحد بالمنزل على تحمل انفجارات الأولى ولا قدرة لهم على مجابهة الثانية بالمنطق والحوار. يخرج هذا الطفل إلى العالم والجرح يملأ قلبه، فيصير إما مواطنًا مكبوتًا غير قادر على إقامة علاقات سوية أو إنسانًا ظالمًا يميل إلى القمع تعبيرًا وانعكاسًا لما عاشه فى طفولته.

ثم يتعرض هذا الطفل، الذى صار اليوم بالغًا، لنفس ضغوطات الحياة وظروف العمل القاسية، لتكتمل الحلقة المفرغة. ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل يزداد صعوبة حين يحين أوان التفكير فى الارتباط والزواج، وهنا الطامة الكبرى: لا يعطى المجتمع الحرية الكافية والمساحة المناسبة للشخص للتعرف على شريكة حياته، واختبار مشاعره تجاهها ومعرفة مدى ملاءمتها لطموحاته ورغباته واحتياجاته (والعكس صحيح). وهو ما يفسر إلى حد كبير فشل زيجات كثيرة وارتفاع معدلات الطلاق. يمر الزمن ويكبر الأولاد، ويتذكر كل من الطرفين أو إحداهما أنه غير سعيد، وأن جزءًا لا بأس به من حياته ذهب هباءً.

والمشكلة هى أن الآثار المأساوية لذلك الاكتشاف ولهذا الغضب والحزن المدفون الناتج عنه تمتد إلى المجتمع كله، فيصير مُحمَّلًا ومُعبَّأ بهذه الطاقات السلبية، التى تنتشر فيه كالنار فى الهشيم. وهنا تصير الحياة أصعب لأنك تشعر فى تعاملاتك اليومية مع أفراده بهذه المشاعر السلبية تجتاحك لتبدد طاقتك وتستنزفها بشكل مستمر، فمَن يعى ويدرك أن كسر هذه الدائرة المفرغة هو مفتاح حياة أفضل لنا جميعًا؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجتمع المظلوم المجتمع المظلوم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon