توقيت القاهرة المحلي 08:59:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غربة يناير

  مصر اليوم -

غربة يناير

بقلم : نادين عبدالله

هى غربة جيل يعيش حالة اغتراب فكرى وشعورى ومجتمعى. يشعر بذلك جيل حمل أمانى وأحلاما وكانت له طموحات عظيمة. خبرة يناير هى خبرة جيل عاش هذه الثورة، حلم فيها ومعها وبها، فظل الحلم يطارده أينما ذهب. لم يحلم الجميع نفس الحلم، ربما لأنه لم يجرؤ أو لأنه لم يهتم. أما هذا الجيل ومساندوه من الأجيال الأخرى فكانت له جرأة الحلم والإيمان بقيم عميقة مغايرة.

هذه الغربة تدفع أبناء هذا الجيل إلى الانزواء، أو التقوقع على الذات؛ وحين يزداد منسوب الضغوط الاجتماعية، يقاوم البعض، يتقوقع البعض الآخر، ويحاول من تبقى أن يذهب إلى بلاد الأرض الواسعة. ذهب لأنه تمنى أن يجد مكانًا لأفكاره أو لأنه انتظر من يدعم تفرده العلمى ويرحب بشجاعته المهنية، أو لأنه سعى إلى من يساند تصوراته الحداثية أو التنموية أو العملية. على الأرجح، يتلقى أغلبهم ما يحتاجه من دعم لكى يتفوق، وتنجح أفكاره بنجاحه؛ أما شعور الغربة فلم يتزحزح؛ نجاحه ينعش عقله وروحه، أما قلبه المغترب فيعتصر ألمًا على حلم لا يكتمل سوى فى موطن ميلاده. يختلف المكان وتتبدل الناس، أما ذات الإحساس فلا يتغير، هى غربة فى الداخل كما فى الخارج.

ذهب من ذهب، وبقى من بقى، أما المكوث فكان له طعم مر. فقد حمل البقاء معنى استمرار الحياة وسط مجتمع بلا روح، ووسط أناس اعتادوا الأمور، وإن كان أسوأ الأمور الاعتياد. وهنا تضاعف الألم لأنه حمل معه اضطرارًا للبقاء فى عالم العائشين بالجسد والأموات بالروح. قاتل هو عالم لا يبحث عن المعنى، ومجتمع وصل به العجز إلى فقدان الرؤية خارج سجن الضغوط اليومية. ولأن القيمة والبحث عنها يتلاشى فإن الإحساس بالأمل وبالإيجابية يختفى أيضًا. أن تمشى فى شوارع المحروسة أو أن تصل إلى مكان عملك يعنى أن تمتلئ روحك بالطاقات السلبية، تلك التى تتسرب إلى نفسك، فتزيدها وهنًا، وتملؤها غضبًا مكتومًا. شعور عام بغياب «النفس» لعمل أى شىء، ينتشر، وكأن فيروس اليأس والإحباط قد تفشى، فتمكن من الروح.

على كل، لن تهدأ أمواج هذه البحار الهادرة سريعًا، خاصة لو استمرت عادة التأقلم والاعتياد. وسيظل نبض هذا الجيل فى قلوب تلك التى تليه ضاربًا بقوة تحمل معها رياحا جديدة، حتى ولو بعد حين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غربة يناير غربة يناير



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon