بقلم : نادين عبدالله
منذ ما يقرب من شهر، نشر أحد الأطباء على صفحته الشخصية فى موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» رثاءً للدكتورة عصمت عبدالخالق، الطبيبة العظيمة والمتفانية، التى توفيت بسبب كورونا إثر محاولتها إنقاذ الأرواح. وبما أننا نتحدث عن شهداء الأطباء، ونتمنى أن تلقى أسرهم الدعم المادى والمعنوى المستحق، فقررنا نشر جزء من هذه الشهادة المؤثرة كى نعرف أن لدينا ما نفتخر به، وأن واجبنا هو رد الجميل.
«لم أعتد الحديث عن أحد بعدما استرد الله وديعته، احترامًا لجلال الموقف وهيبة الحدث. لا نزكى على الله أحدًا، لكنى أرى فى سرد بعضٍ من خُلقها خلال رحلة عملها معى فى خلال ١٥ عاما بعيادتى ثم بمركز الحقن المجهرى بجهد وإخلاص ما أرى أنه قدوة نادرة لزملائى من الأطباء فى زمنٍ ظن البعض فيه أن القدوة قد ماتت، أو أن زمان الخير قد ولّى:
تعلّموا من زميلتكم.. أن خادم القوم سيدهم.
تعلّموا من زميلتكم.. أن القائد هو من تحمل المخاطر وكان جسورًا شجاعًا.. ولا ننسى يوم حدث حريق عمارة المركز منذ ٧ سنوات كانت آخر من غادر المكان بعدما اطمأنت على نزول الجميع وعرّضت حياتها لخطر محقق.
تعلموا من زميلتكم.. أن الطب عطاء بلا حساب.. إن استطعتم الزموا جانب كل من يكون فى حالة حرجة من مرضاكم كما كانت تفعل.. فيعلم الجميع أنها كانت إذا احتاج مرضى فى المستشفى لرعاية تترك البيت وتلازم المريض حتى تنتهى الحالة الحرجة دون أجر منتظر أو مردود شكر وثناء.
تعلموا من زميلتكم.. أن النفس غالية.. من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا.. فأخلصوا نواياكم حينما تسهرون الليل فى نوبتجياتكم.
تعلموا من زميلتكم.. أن تقفوا بجانب التمريض فهم إخوانكم وعون لكم.. حين يمرون بظروف فتسرع لهم بالعون، وتجزل لهم البذل، فى إخفاءٍ متعمد وسعى نشط لا يجاريها فيه أحد.
تعلموا من زميلتكم.. أن تقفوا بجانب زملائكم بإخلاص.. ولا أنسى مواقفها منذ شهر من الآن أثناء حجز زميلى وصديقى حسام حلمى بمستشفى العزل، وكانت تصل الليل بالنهار لما يحتاجه لإنقاذه.. لكن قضاء الله كان نافذا، وحكمته كلنا بها راضون.
أخيرًا.. رحم الله الأخت والزميلة عصمت عبدالخالق وجزاها خيرًا عما بذلت لمرضاها وزملائها، وصبّر والديها وجزاهما عما ربياها عليه، وجعل ما تركت من قدوة وخُلق صدقةً جاريةً لها، ولا نقول إلا ما يُرضى ربنا».