بقلم - نادين عبدالله
تحدث الرئيس عن أهمية تأمين العمالة غير المنتظمة والمؤقتة٬ وحث الحكومة على الضلوع فى ذلك. وهى بلاشك لافتة جميلة وإيجابية ألقت الضوء على فئة من العمال أهدرت حقوقها عبر الزمن٬ ولم يتم الالتفات إلى احتياجاتها ومعاناتها إلا قليلًا.
ووفقا لبيانات وزارة التخطيط لعام 2014، فالعاملون خارج أطر العمل الرسمى يقدرون بنحو 46% مـن إجمالى المشتغلين. والحقيقة هى أن دائرة العمل غير الرسمى قد اتسعت مع تراجع نسـبة المشـتغلين فى القطاع العام، خاصة أن ارتفاع معدلات التشغيل مؤخرًا جاء من خلال التوسـع فى التشـغيل غير الرسمى فى القطاع الخاص الذى شكل ما يزيد على 40% من نسبة المشتغلين فـى عـام 2012 ٬ وفقًا للمسح التتبعى لسوق العمل الذى أعده منتدى البحوث الاقتصادية بالتنسيق مع الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء. وبالتركيز على العمالة غير المنتظمة٬ التى قدرتها وزارة القوى العاملة٬ عام 2010، بما يقارب 11 مليون عامل نجد أنها تتوزع على قطاعات عدة أبرزها قطاع المقاولات، والعمالة الزراعية الموسمية٬ فضلاً عن العمالة غير المنتظمة فى الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر.
والحقيقة أن عدة قرارات وزارية صدرت لتوفير نوع من الحماية التأمينية لهذه العمالة على غرار قرار وزير التأمينات رقم 74 لسنة 1988 بشأن التأمين على عمال المقاولات والمحاجر والملاحات٬ وقرار وزير المالية رقم 554 لسنة 2007 الذى أقر التأمين على العاملين فى القطاعات الثلاثة السابقة مضافاً إليهم العاملون فى البناء والتشييد. وأخيراً٬ قرار وزير المالية رقم 517 لسنة 2009 بتعديل بعض أحكام القرار السابق ليشمل عدداً واسعاً من المهن على غرار العاملين فى البترول والنقل البرى. ومن ثم يبدو أن مشكلة العمالة غير المنتظمة ليست تشريعية بالأساس، بل هى بالأحرى متعلقة بتطبيق وتفعيل التشريعات القائمة، علمًا بأن هناك تشريعًا جديدًا للتأمينات الاجتماعية قيد الإعداد حاليًا ليحل محل القانون 79 لسنة 1975 الذى أقر على أى حال حق العمالة غير المنتظمة فى التأمين الاجتماعى.
وفى هذا الصدد٬ أشار تقرير صدر منذ أربع سنوات لدار الخدمات النقابية والعمالية إلى عدة عراقيل تحول دون تفعيل تأمينات العمالة غير المنتظمة، أهمها اهتمام الحكومة بتحصيل حصة أصحاب الأعمال التى يجرى تحصيلها بصورة منفصلة عن العمال أنفسهم فيما لم يتم تفعيل آليات استكمال الجانب الآخر من النظام (المؤمن عليهم)، حيث يفترض أن يتقدم العامل إلى مكتب الصندوق المختص بطلب الاشتراك الذى يحصل بموجبه على بيان حالة لقيده فى سجلات وزارة القوى العاملة والحصول على شهادة بدرجة مهارته التى يتحدد الأجر التأمينى وفقاً لها. وهنا٬ كثيرًا ما تتعثر مكاتب الهيئة (الصندوق) لأسباب مختلفة فى إتمام عمليات التأمين على العمال من الأصل٬ هذا بالإضافة إلى صعوبة تعرف العمال أنفسهم بصورة فردية على النظام الذى يتم اشتراكهم وفقاً له٬ بل ويجهل معظمهم حقوقه إزاءه فلا يقدم الكثيرون منهم على طلب الاشتراك.
لذا وأخيرًا٬ فإن سعى الحكومة لوضع إطار تشريعى متكامل أو بدائل قانونية جديدة فيما يتعلق بالعمالة المؤقتة (لو هذا ما تسعى إليه الآن) لن يؤتى ثماره المرجوة إن لم يواكبه بحث معمق فى العوائق التنفيذية والمشكلات الفعلية التى تحول دون تفعيل ضمانات التأمين الاجتماعى للعمالة غير المنتظمة تلك المنصوص عليها بالفعل فى قوانين وقرارات حالية.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية