بقلم : نادين عبدالله
تشرفت، يوم الخميس الماضى، بحضور احتفالية تقييم مشروع «تعزيز حقوق العمال والقدرات التنافسية فى الصناعات التصديرية المصرية» برعاية منظمة العمل الدولية ووزارة القوى العاملة، وبحضور كل من وزير القوى العاملة٬ ورئيس منظمة العمل الدولية ومدير المشروع ومنسقيه. وهو المشروع الذى انتهى بعد 5 أعوام من العمل٬ ظهرت ثمارها بالأساس فى العامين الماضيين بعد تفاعل إيجابى وجاد من وزارة القوى العاملة بقيادة وزير القوى العاملة الجديد محمد سعفان.
وقد سعى هذا المشروع المتميز إلى تعزيز التوافق مع معايير العمل ودعم الإنتاجية داخل المصانع المصرية فى القطاعات التصديرية على غرار صناعات الغزل والنسيج، وذلك من خلال التركيز على ثلاثة أمور على التوازى تخص أطراف العمل الثلاثة: الدولة٬ رجال الأعمال٬ والعمال. ويخص الأمر الأول٬ العمل على بناء قدرات مفتشى العمل (طرف وزارة القوى العاملة) لضمان حسن وجودة ظروف العمل داخل هذه المصانع٬ أما الثانى٬ فيتعلق بالأساس بدعم أصحاب الأعمال وممثليهم لضمان توافق أدائهم ليس فقط مع معايير العمل الدولية بل أيضًا مع معايير الإنتاجية والإنتاج٬ أما الثالث والأخير٬ فيخص بناء نظام للحوار الاجتماعى بين الدولة ورجال الأعمال والعمال٬ ومن ثم٬ ضمان تمثيلهم بشكل مرضٍ داخل المصانع.
ومن أكثر الأمور التى أثارت سعادتى هى التقييمات شديدة الإيجابية التى أثارت فى الاحتفال ليس فقط من العمال (باعتبار أن المشروع يسعى إلى حد كبير إلى تعزيز حقوقهم وقدراتهم) لكن أيضًا٬ وبالأخص٬ من العديد من رجال الأعمال، بالإضافة إلى الدولة المصرية ممثلة فى وزير القوى العاملة الذى أثنى على ما أسفر عنه المشروع من ميكنة وحوسبة نظام تفتيش العمل بـ 19 مكتب تفتيش تابع للوزارة - بما يتماشى مع خطة الدولة لميكنة كل معاملاتها فى الأعوام المقبلة - وذلك بهدف رفع جودة ودقة نتائج الزيارات التفتيشية التى تقوم بها هذه المكاتب للمصانع للاطمئنان على سلامة قواعد العمل واحترام الحقوق العمالية بها. وهو ما يحدث عبر حوسبة قاعدة البيانات وتقليص العمل الورقى بما يدعم السرعة والدقة من خلال التسجيل الإلكترونى لهذه الزيارات٬ وما يتخذ فيها من إجراءات، بل وإطلاع كل من إدارة التفتيش على المستوى المركزى والمحلى (وأيضًا أصحاب العمل محل التفتيش) على كل ذلك لحظة بلحظة.
والحقيقة هى أن نجاح هذا المشروع القيم (وغيره من المشاريع) وتفاعل أطراف العمل الثلاثة معه بهذا الشكل الإيجابى يؤكد أنه ثمة فرصة كبيرة لمصر لتحسين سجلها الإشكالى فيما يتعلق بملف احترام الحقوق العمالية والنقابية المنصوص عليها فى اتفاقيات العمل الدولية٬ تلك التى وقعت عليها مصر منذ عام 1957. كما يعتبر نجاح هذا العمل الجماعى وتفاعل منظمات رجال الأعمال معه بشكل جدى فرصة حقيقية لتشجيع الاستثمار فى مصر، بل وإرسال رسائل إيجابية لشركات دولية نشيطة فى الصناعات التصديرية المصرية على غرار الغزل والنسيج كانت قد فكرت٬ فى لحظات سابقة٬ فى الانسحاب من مصر بسبب مشكلات عدم امتثال الدولة المصرية لاتفاقيات العمل الدولية، وما كان سيسفر عنه ذلك من انسحاب شركات استثمارية مماثلة من مصر.
لذا٬ فهنيئاً لكل من يعمل لرفعة الوطن رغم التحديات أو العراقيل التى قد يضعها من لا يقدر أهمية التفاعل (حتى لو نقديًا) مع المنظومة العالمية أو الدولية.
نقلاً عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع