توقيت القاهرة المحلي 09:11:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جدل حرية التعبير في فرنسا

  مصر اليوم -

جدل حرية التعبير في فرنسا

بقلم : نادين عبدالله

أثارت جريمة ذبح أحد المعلمين فى فرنسا على يد إرهابى شيشانى إثر عرضه صورًا دينية مسيئة جدلًا عنيفًا فى فرنسا وخارجها. واحتدم ذلك الجدل حول حرية الرأى والتعبير وحدودها، خاصة عندما يتعلق الأمر بالسخرية من الدين ورموزه

والحقيقة هى أن حرية التعبير، كغيرها من الحريات فى الدول الديمقراطية، هى حرية مطلقة لا يحدها سوى الإضرار المادى الصريح بحريات الآخرين. فعليًا، تضع كثير من الدول الديمقراطية فى حالات معينة نصوصًا قانونية تجرّم خطابات الكراهية والتمييز والتحريض على العنف.. ولكن فيما غير ذلك لا توجد حدود لحرية الرأى، حتى وإن شملت إهانة المقدسات أو السخرية منها (إلا فى حالات محددة قليلة وفقًا للخبرة التاريخية الخاصة بكل مجتمع). وهو أمر تزداد حدته فى فرنسا، تلك التى بنت تاريخ تحررها الديمقراطى والحقوقى على تراث من علمانية جذرية عرفت فصلًا عنيفًا للدين عن الدولة.

فما العمل إذن؟.. هل المطلوب هو قبول السخرية وتقبل الشعور بالإهانة بصدر رحب؟.. الإجابة هى بالطبع لا. فبغض النظر عن النصوص القانونية- وما تمنحه وما تمنعه- تلعب الرقابة المجتمعية دورًا مهمًا، وهو أمر تكفله حرية التعبير الممنوحة بالتساوى للجميع. ويعنى ذلك أن مثل هذه الكتابات أو الرسومات المسيئة، من الممكن لبعض المواطنين معارضتها بقوة، لكن ليس بالعنف ولا بالقتل بل بالرد عليها عبر استغلال نفس القنوات المتاحة للأطراف الأخرى فى المجتمعات الديمقراطية.

فبدلًا من التفكير المستميت فى منع مثل هذه الرسومات أو غيرها من التعبيرات المهينة للمقدسات الدينية- وهى استراتيجية دفاعية بالأساس تخفى وراءها إحساسًا بالعجز، كما تعكس فقرًا مؤكدًا للخيال الديمقراطى- يمكن مواجهة الإساءة والسخرية بسيل جارف من المقالات الصحفية، أو الأحاديث المنظمة فى البرامج التليفزيونية، أو الرسومات الفنية والكاريكاتورية القوية. فهى كلها وسائل يكفلها النظام السياسى، وللجميع حق الاستفادة منها للتعبير عن توجهاته ومواقفه، ومواجهة تلك التى يختلف معها أو يرفضها.

فالحقيقة هى أن الإهانة التى يمكن أن يلقاها من يصر على الإساءة إلى مقدسات الآخرين عبر المقالات والبرامج والرسومات هى التى سوف تجعله يفكر ألف مرة فى المستقبل قبل أن يشرع فى السخرية والاستهزاء، لأنه يعرف أنه سيواجه بسيل مماثل من الإهانة والسخرية. وبذلك يصبح اللجوء إلى مثل هذه الوسائل المتاحة فى المجتمعات الديمقراطية رادعًا قويًا وفعالًا لكل مسىء، وفى نفس الوقت حلًا حضاريًا وسلميًا لكل متضرر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدل حرية التعبير في فرنسا جدل حرية التعبير في فرنسا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon