توقيت القاهرة المحلي 09:38:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن التعليم الجامعى فى مصر

  مصر اليوم -

عن التعليم الجامعى فى مصر

بقلم - نادين عبدالله

يبدو التعليم الجامعى فى مصر أسيرا لثنائية إشكالية أثر سوء إدارتها على رونقه وجودته. فقد أثرت أنماط التمويل المختلفة على وضعية الأستاذ الجامعى وسلطاته؛ فتوسعت فى الجامعات العامة تلك التى تمولها الدولة بالأساس (والتى تخضع لهراركية ترجع الى نظام الثانوية العامة الاشكالى أصلاً). ومن ثم٬ تجد٬ فى كثير من كليات الجامعات العامة (وليس جميعها بالتأكيد) الأستاذ هو الآمر الناهى٬ المتحكم فى درجات الطلاب بلا ضمان واضح لعدم تعديه على حقوق الطلبة بسبب مواقف تافهة على غرار اختلاف فى الرأى بين الطالب والأستاذ (لابد أن يعززه الأخير لا أن يخمده) أو سوء سلوك فى قاعة المحاضرة (يمكن أن يقابله عقاب ما٬ وليس استقصادا فى درجة الطالب) وغيرها من التصرفات السلطوية التى يعانى منها كثير من الطلاب فى مصر. وبما أنه الآمر الناهي٬ فيغيب فى أحيان كثيرة (وليس جميعها) وجود آليات قوية لضمان جودة التعليم الذى يقدمه الأستاذ٬ وتماشيه مع أساليب التعليم الحديثة٬ وكأن العملية التعليمية هى مجرد عملية بيروقراطية رتيبة تحكمها قواعد صماء أو سلطوية تزيد من السلطات التقديرية للأستاذ٬ وتحد من آليات التحديث وضمان الجودة؛ بل الرقابة العادلة والمفيدة ليس فقط للطلبة بل للأساتذة أيضًا.

وعلى العكس٬ تتضاءل سلطات الأستاذ الجامعى فى التعليم الجامعى الخاص الذى طرأ حديثًا (حتى وإن لم تختف لأن ذلك ليس مطلوبًا أصلاً) حيث انتشرت الجامعات الخاصة فى مصر بشكل واضح فى العشرة أعوام الماضية. ومع ذلك٬ لم يدفع هذا بالضرورة إلى تحسن العملية التعليمية حيث غلب منطق العرض والطلب السوقى على هذه الجامعات التى يعتبر فيها الأستاذ وكأنه مقدم لسلعة أو لخدمة تعليمية٬ والطالب وكأنه متلق لهذه السلعة أو الخدمة التى يدفع ثمنها (أو بالأصح يدفعها ولى أمره). وهو منطق يتزايد فى الجامعات الخاصة ليس فى مصر فقط بل على مستوى العالم كله٬ وإن ازداد الأمر سوءًا فى مصر لانتشار منطق غير صحيح من نوعية «دول داخلين الجامعة بفلوسهم»٬ «ريح الزبون»٬ وهى مصطلحات تجعل من تعليم خاص أحدث فى بعض الأحيان من العام، تعليمًا أقل منه فى الجودة لأن العلم ببساطة ليس سلعة تباع وتشتري٬ بل إن تسليع العلم هو أول الطريق لاضمحلاله. فكثير من إدارات هذه الجامعات تتعامل مع نفسها بمنطق الشركة التى تقدم خدمة أو سلعة٬ ومع الأستاذ الجامعى بمنطق الموظف فيها٬ فتثقله بمهام إدارية لا طائل منها ولا فائدة٬ وتحدد له مثلًا مواعيد حضور وانصراف لابد أن يمتثل لها (وخلاص) وهى أمور لا يمكن أن تحدث الجامعات الخاصة عالميًا لأنها ببساطة تتعارض مع طبيعة العمل الاكاديمى الذى يحتاج إلى مساحة حرية تتيح وقتا للبحث العلمى والإبداع. وبمرور الوقت يتحول الأستاذ من باحث وعالم إلى موظف بيروقراطى فتغيب أبحاثه٬ ويتضاءل إنتاجه العلمى؛ وبالتالى٬ تنخفض قدرته على إفادة طلابه وتعليمهم.

لذا وأخيراً من المهم التفكير فى هذه الثنائية التى تحد من جودة التعليم الجامعى العام والخاص فى مصر، وذلك بالتركيز على آليات تضمن جودة العملية التعليمية٬ وحداثتها من جهة؛ وحقوق كل من الأساتذة والطلبة من جهة أخرى بعيدًا عن سلطة البيروقراطة أو سيطرة رأس المال. فالفرق بين مصر والدول الأخرى الأكثر تقدمًا فى هذا المجال٬ لا يكمن فى غياب هذه الثنائية الإشكالية بل فى وجود آليات تضمن الحقوق والحريات والجودة وعدم تسليع العلم.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن التعليم الجامعى فى مصر عن التعليم الجامعى فى مصر



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
  مصر اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة لأ ثواني

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon