توقيت القاهرة المحلي 14:27:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثمن غياب السياسة

  مصر اليوم -

ثمن غياب السياسة

بقلم - نادين عبدالله

هو ثمن باهظ يدفعه الجميع بلا استثاء؛ ليس فقط النظام الذى تسبب فيها لكن أيضًا المجتمع الذى حرم منها غالبًا٬ وشرعنها أحيانًا. السياسة هى وسيلة وليست غاية فى ذاتها. وهى ببساطة أداة المجتمع للتعبير عن نفسه٬ ووسيلة النظام لتجديد شرعيته٬ ووسيلة السلطة للتواصل مع الناس من منطلق شرعية الاقتناع لا القوة. فلو لم تكن القنوات السياسية مهمة لما آمنت بها المجتمعات٬ ولما اعتنقتها الدول المتقدمة٬ ولما سمعنا عن علماء فى العلوم السياسية والاجتماعية.

والحقيقة أننا وجدنا أنفسنا فى مصر فى السنوات الماضية أمام نظام آثر إغلاق المجال العام بشكل غير مسبوق. ففرص التعبير عن الرأى تتاح للمؤيدين فى أوسع الحدود٬ ولذوى الأصوات النقدية أو المعارضة فى أضيقها. أما الساحة السياسية والإعلامية فهى مفتوحة على مصراعيها أمام «المطبلاتى» والمؤيد بعقل؛ وشبه مغلقة أمام من أطلق عليه البعض لقب «المقللاتى». ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أغلقت أيضًا قنوات التواصل السياسى الطبيعية فى أى مجتمع، سواء كانت كيانات سياسية أو حزبية أو نقابية؛ أو حتى مبادرات شبابية نقدية؛ فشعرت كتل مجتمعية واسعة بأن صوتها غير مسموع٬ وأن حقها فى التعبير عن نفسها تم إهداره.

وأمام مجال عام مغلق بالضبة والمفتاح٬ اختار البعض أن يهلل بلا وعى متبعًا مقولات تردد هنا أو هناك: «احنا مجتمع ميجيش غير كده»٬ «مفيش حاجة اسمها ديمقراطية فى بلادنا»؛ فى حين انزوى كثيرون ممن انخرطوا سابقًا فى عمل مجتمعى أو سياسى٬ وتقوقع آخرون فهجروا العمل العام للتركيز على ساحة العمل الخاص. وكانت النتيجة هى غياب أى كيانات تمثل المجتمع٬ وتعبر عن مطالبه وتطلعاته بشكل منظم ومنضبط. وهو أمر٬ بالمناسبة٬ لا يفيد النظام سياسى بقدر ما يضره. هذا بالإضافة إلى كبت غير مسبوق للطاقات النقدية على جميع الأصعدة٬ وهى إشكالية حقيقية، لأن الاختلاف والنقاش بين وجهات النظر المختلفة بشأن السياسات المتبعة هما الطريقة الوحيدة لضمان أنها الأفضل. وهذا يعنى أن تصور البعض٬ أن النقاش العام حول القضايا الملحة هو رفاهية ليس أكثر٬ هو تصور خاطئ. فالمجتمعات التى تطورت هى تلك التى وفرت جواً من الحرية سمح للمتخصصين وغيرهم من المهتمين بالشأن العام بالتعبير عن أطروحاتهم النقدية بلا خوف أو تخوين٬ وطرح تصوراتهم أو سياستهم البديلة فى جو من الثقة والتعاون المتبادل. فلا يمكن التوصل إلى أفضل الحلول سوى فى نظام منفتح يقبل الحجة والحجة المضادة٬ ويعترف بأن للنقاش العام دوراً ووظيفة٬ فلا يوظفه أو يسطحه.

وأخيرًا٬ ليس غريبًا أن ينتج عن هذا المناخ المغلق حياة سياسية هشة غابت أو غيب عنها الهدف الحقيقى من السياسة: وهو التنافس الصحى بين وجهات نظر متعددة ونقدية تمثل تطلعات كتل مجتمعية عدة؛ يصلها التنافس٬ فى نهاية المطاف٬ إلى حلول وسطية يرضى عنها أكبر عدد من الأطراف بما يضمن استقرار كل من النظام والمجتمع. وهنا٬ وللأسف٬ يأتى مشهد الانتخابات المقبلة فى مصر كتجسيد حقيقى لمعضلة غياب السياسة٬ وانتفاء جوهرها المتمثل فى التنافس بين رؤى وبرامج وربما سياسات مختلفة تمثل توجهات وكتلا مجتمعية متعددة؛ وهو مشهد يعكس فى وحدته أسباب تفرقه الضمنى؛ وفى قوته جوانب ضعفه المخفية.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثمن غياب السياسة ثمن غياب السياسة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon