بقلم : نادين عبدالله
احتفلت الدولة، هذا الأسبوع، واحتفلنا معها بعيد السادس من أكتوبر، هذا العيد الذى يحمل دلالات وطنية مؤثرة يفتخر بها كل مصرى. وبغض النظر عن الازدحام الذى شهدته هذه الاحتفالات، فى لحظة نحارب فيها وباء كورونا، ظهرت بعض المنصات بمنظر لا أعتقده مناسبًا لاحتفالات حرب 6 أكتوبر المجيدة، فقد امتلأت بعضها بمظاهر «الزيطة» والموسيقى والغناء الصاخب بما لا يتلاءم مع حدث جَلَل مثل حرب أكتوبر، تلك التى أتت بالعزة لمصر، واستُشهد فيها الكثيرون من أبنائها حماية لوطنهم وتقديرًا له.
وبغض النظر عن رأينا فى أغانى المهرجانات، إلا أنها، من وجهة نظرنا، تلائم حفلات الزفاف (لمَن يرغب) أو حفلات الرقص أو محبى الاستمتاع بهذا النوع من المزيكا. لكنى لا أعتقد أن هذا النوع من الغناء مناسب لاحتفالات وطنية بهذه الأهمية وبهذا التأثير العميق على المصريين. كما لا أتصور أن دور الدولة هو دعم مثل هذه النوعية من الفن. والحقيقة هى أنه بين رعاية فن أو فنون معينة وبين منعها مساحة عريضة وواسعة، فلا مغزى من المنع فى عصر الفضاء المفتوح، وفى النهاية كل مواطن حر فى اختيار الموسيقى التى يفضلها. لكن ربما للدولة دور فى رعاية ودعم فن آخر يرتقى بالإنسان وبذوقه العام من دون أن يعنى ذلك حجب الفنون الأخرى مادام لها مريدوها، وجاءت انعكاسًا لاختيارات الناس والمجتمع،
فأغانى المهرجانات، (التى أشعر أن أغلبها لا يرقى إلى مستوى الفن)، ظهرت تعبيرًا عن حالة ثقافية سادت وباتت ممثلة لجزء غير قليل من الشارع المصرى، فهو الذى أفرزها وهى تعبر عنه، وعن حالته ومزاجه. وبما أن هذه الظاهرة الغنائية معبرة عن مزاج وتفضيلات مجموعات وفئات مجتمعية، فانحسارها لن يحدث سوى بتغير هذا الذوق واختياره طواعية نوعيات غنائية وفنية مختلفة، فمثلما تعكس الأفلام حالة المجتمع، بل يمكن من خلالها رصد حالته وتطوره (أو تراجعه) عبر الزمن، فبالمثل، تعبر هذه الأغانى عن حالة الناس وذوقهم وتغيره بمرور الوقت.
لذا، وأخيرًا، نؤكد أنه سيظل لهذا النوع من الموسيقى سمِّيعة، ولكن يجدر بالدولة رعاية فن آخر يسمو بالروح ويعلو بها، بل التمييز بين ما يناسب ويليق باحتفالات ومناسبات بعينها دونًا عن الأخرى.