بقلم - نادين عبدالله
سجلت الكاميرات مشهد صفع ويل سميث، الممثل الذي حاز جائزة الأوسكار، للمذيع والممثل الكوميدى كريس روك بعد أن سخر من زوجته. جاء ذلك في سياق التقديم الساخر الذي قدمه روك، حيث طالت السخرية الجميع، وهى طريقة معتادة في العديد من البرامج والمناسبات في الولايات المتحدة الأمريكية.
بالطبع، تهكم روك كان سخيفا للغاية لأنه تهكم على قصة شعرها، تلك التي اضطرت إليها بسبب ظروف مرضها. ولكن هل هذا يبرر تصرف سميث؟.
رأى هو أن هذا تصرف أرعن وغير مقبول. قد يكون العنف مبررًا لو كنا في سياق دفاع مادى عن النفس (أى دفاع عن نفسك ضد شخص يضربك أو يريد قتلك). أما استخدامه كوسيلة للتعبير عن الامتعاض أو حتى لرد الإهانة أو لحماية المتضرر نفسيًا أو معنويًا، أمر غير مبرر. تلك هي الطريقة التي اتفقت المجتمعات المتحضرة أن تعيش بها فلا يسود قانون الغابة.
تخيل أن كل شخص شعر بالمضايقة أو بالإهانة سيرد عليها بالضرب والصفع، فماذا سيكون حال المجتمع؟، ومُدّ الأمر على استقامته في جميع مناحى الحياة ابتداءً من العائلة والمدرسة، وانتهاءً بأماكن العمل والترفيه، فماذا سيكون الوضع؟، كان من الممكن لسميث أن يعبر عن امتعاضه لفظيًا، لو أراد ذلك وشعر أن الأمر يستدعى ردًا، أما التهجم على المذيع فأمر غريب.
فالحقيقة هي أن مثل هذه الفئة من ردود الأفعال الهمجية، التي يعتبرها الكثيرون تعبيرًا عن النخوة ودفاعًا عن الشرف، ليست سوى تعبير عن «ذكورة ضعيفة أو سامة».
مثل هذه الذكورة تحاول أن تبرز قوتها في غير مكانها لتستعيض بها عن ضعفها الكامن. فمثل هذه الأفعال لا تعكس رغبة في حماية عزة الزوجة بقدر ما تعكس رغبة في «حماية الأنا الضعيفة أو الجريحة» للرجل.
وكأنها حاجة ملحة للرجل أن يقول إنه هنا، وأنه موجود وأنه قوى. فكأنه يستمتد «ذكورته» من ممارساته الأبوية المغلفة باحتياج الجميع لحمايته. وهو في حد ذاته تصور إشكالى لأنه يعكس خيالًا أبويًا يفترض فيه أن زوجته والكون كله في انتظار حمايته؛ مع أن دوره هو في الأساس المشاركة والدعم الوجدانى لنده أو لزوجته.
وأخيرًا، يعكس هذا المشهد أيضًا تصورًا مبالغًا فيه بالقوة جاء ليغلف ضعفًا خفيًا. فلو شخص آخر فعل هذه الفعلة لطرد من القاعة طردًا وتحول إلى المحاكمة؛ ولكنه كان، على الأرجح متيقنًا، أن هذا لن يحدث معه.