توقيت القاهرة المحلي 08:56:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حادث مُحيِّر

  مصر اليوم -

حادث مُحيِّر

بقلم - نادين عبدالله

صادفنى، اليوم، حادث عجيب وأنا راكبة السيارة مع زوجى. كنا نسير في أحد شوارع منطقة الكوربة الضيقة (بمصر الجديدة) في اتجاه شارع صلاح سالم، عندما استوقفتنا سيدة في الأربعينيات من عمرها. كانت ترتدى جينز وبلوزة سوداء و«ماسك» (للحماية من كورونا).

شعرها طويل، جميل، وبنى اللون. شكل السيدة ومظهرها يؤكد أنها من الطبقة الوسطى. لم يكن لدينا شك أنها استوقفتنا لتسأل على الطريق بما أن العديد من الطرق تغيرت مؤخرًا؛ إلا أن طلبها كان، للأسف، مختلفًا: «أنا محتاجة فلوس». وهنا اعتقدنا أنها ربما شحّاتة، فبدأنا نعتذر بلطف لنهم بالرحيل. ولكنها ترَجّتْنا: «أنا بيتى مفيهوش أكل ليّا ولا لولادى، إنتم شايفين شكلى، أنا مش شحّاتة، أنا بس محتاجة أكل».

منذ عدة سنوات، مثل هذا الطلب لم يكن ليكون مُحيِّرًا. على الأرجح، لن نفكر للحظة أن ما تقوله المرأة حقيقى، وكنا سنعتبرها شحّاتة مثلها مثل غيرها، أو ربما شخصًا جعلته قسوة الحياة يعانى بعض الاختلالات العقلية أو النفسية. إلا أن المؤلم هو أننا شعرنا بحيرة حقيقية، وفكرنا بالفعل في احتمالية أن تكون صعوبة الظروف الاقتصادية الحالية أوصلتها إلى هذا الحال، فهناك شواهد عديدة راهنة على تدهور الطبقة الوسطى وسقوط الشريحة الدنيا منها إلى هاوية الفقر.

نشاهد مثلًا تغييرات مفصلية في نمط حياة عائلات كانت في عِداد الطبقة الوسطى على غرار تقليل أكل اللحوم وشرائها أسبوعيًّا، تغيير مدارس الأطفال من مدارس لغات إلى أخرى حكومية، انتعاش أسواق الملابس المستعملة أو الرخيصة، وطلبات متكررة لسلفة أموال لتغطية احتياجات البيت والعائلة.. إلخ.

والحقيقة هي أن هذا الوضع لابد أن يدفعنا إلى التفكير في نمط السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة، فعلى الرغم من ارتفاع معدل النمو الاقتصادى، أو على الأقل عدم انخفاضه مؤخرًا، بالإضافة إلى الانخفاض النسبى في معدلات الفقر- وإن كان لا يزال عاليًا بشكل لافت- فإن ما يشعره العديد من المواطنين في حياتهم اليومية، للأسف، مختلف، فالتضخم المتزايد بشكل مؤكد ومؤلم يقضى على كثير مما يحققه النمو، بل يأكل ثماره.

كما أن غياب سياسات إعادة توزيع النمو الاقتصادى بشكل عادل ينجح في تحويله إلى تنمية اجتماعية مستدامة، تنعكس على حياة الناس اليومية، يجعل منه نموًّا اقتصاديًّا نظريًّا. أما في أرض الواقع، فسيغتنى البعض، ويفتقر آخرون، وهم كثر؛ لينضم هؤلاء إلى شريحة الفقراء الجدد أو فئة الهابطين من الطبقة الوسطى المتآكلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حادث مُحيِّر حادث مُحيِّر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:59 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

نانسي عجرم تكشف تطورات فيلمها الجديد مع عمرو دياب
  مصر اليوم - نانسي عجرم تكشف تطورات فيلمها الجديد مع عمرو دياب

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 00:24 2023 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

الأهلي يهدد بتصعيد أزمة الشحات والشيبي للفيفا

GMT 06:06 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

شاومي تعلن عن حدث في نيويورك بداية الشهر القادم

GMT 23:00 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الشاعِرة سندس القيسي تُصدِر كتابها الشعري الثاني

GMT 03:05 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع أسعار الخضراوات في الأسواق المصرية الجمعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon