توقيت القاهرة المحلي 11:54:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إعلام الحوادث

  مصر اليوم -

إعلام الحوادث

بقلم - نادين عبدالله

امتلأت الصحف والفضائيات و«التوك شو» فى الفترة الأخيرة بأخبار الحوادث: أب يقتل أولاده أو يعذبهم٬ خطيبة تقتل خطيبها٬ متحرش يقتل زوج امرأة حاول زوجها الدفاع عنها٬ سائق يقتل زوجته٬ وابن يذبح أمه... إلخ، وظلت تُتداول هذه الأخبار «كأن مفيش غيرها»، بشكل يعطى انطباعاً بأن هذه النوعية من الحوادث تزداد بشكل مرعب٬ وبطريقة تشير ضمنياً إلى أن كل مشكلة البلد فى شعبه أو فى أخلاقه التى تدهورت فصارت مخيفة وسيئة.

والحقيقة هى أن هذا الاهتمام المبالغ به بالحوادث، والذى يصاحبه إهمال مؤكد للقضايا والمشكلات الرئيسية التى تواجه المجتمع، «من تعليم٬ وصحة٬ وسكن٬ وسوء أحوال اقتصادية»، لا يعكس فقط توجهاً عاماً يميل إلى تسطيح النقاش العام فى مصر٬ كى لا نقول تغييبه- إلى الحد الذى أصبح فيه الإعلام كما الصحف لا تجد ما تتحدث عنه غير الحوادث- بل أيضاً يؤكد وجود رغبة ما فى التأكيد على أن كل مشكلة البلد تكمن فى أخلاق المجتمع.

وهو أمر إشكالى لسببين، أولاً: لأنه يبث ثقافة الرعب والريبة بين الناس٬ فتغيب الثقة، بما يهدد بنية المجتمع نفسه بالتفكك. هذا بالإضافة إلى أن الأمر غير دقيق٬ لأن مثل هذه الجرائم موجودة فى مصر كما فى غيرها من الدول، «فلسنا شعباً من الملائكة»، أما الذى اختلف مؤخراً فهو المبالغة فى إلقاء الضوء عليها. ثانياً: لأنه يقنع الناس بما هو غير حقيقى٬ ألا وهو أن كل مشكلتنا تكمن فى تدهور القيم والأخلاق٬ وأنه بمجرد أن تعود قيم المصريين الجميلة ستختفى كل المشاكل وتُحَل٬ هكذا ببساطة!.

وهو تصور يرتبط بسردية أخرى أشد خطراً مفادها أن المشكلة هى أصلاً فى الشعب لأنه إما «غير نظيف» بدليل القمامة التى تملأ الشوارع، أو «غير منظم» بدليل الفوضى المنتشرة، أو «غير منتج» وجاهل بدليل تراجع البلاد الاقتصادى، أو «متدهور الأخلاق» بدليل الجرائم المنتشرة. وهو خطاب- بالإضافة إلى كونه استعلائياً ومسطحاً- يهدف أيضاً، وبالأخص، إلى رفع المسؤولية عن كاهل الدولة ومسؤوليها، وكأن الفرق بين مصر والدول المتقدمة يكمن فى طبيعة شعوبهما وليس فى قدرة الدولة على إعمال القانون٬ وتنفيذه على الجميع بلا استثناء، وقدرة النظام السياسى على صناعة أفضل السياسات العامة والاقتصادية لتحسين أحوال الشعب والناس.

لذا، وأخيراً٬ يؤسفنا أن نقول إن إعلام الحوادث هذا لا يعكس فقط تهافت النقاش العام فى مصر، بل أيضاً تنصل الكثيرين من مسؤوليتهم تجاه هذا المجتمع.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعلام الحوادث إعلام الحوادث



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon