بقلم - نادين عبدالله
هى صناعة متميزة فى مصر على الرغم من ضعف البنية التحتية ومشاكل التمريض. فيكفى أن تذهب إلى أى بلد متقدم٬ وترى سهولة قبول الأطباء المصريين نسبيًا (بعد عمل المعادلات العلمية اللازمة) بالمقارنة بالقادمين من دول عربية أخرى مثلاً حتى تدرك الفارق. ومع ذلك تظل هناك مشكلة حقيقية فيما يتعلق بجودة الرعاية الصحية فى مصر. صحيح أنه يمكن للدولة تغيير نمط توزيع مواردها٬ وتوفير جزء أكبر من الميزانية للإنفاق على الصحة كما التعليم٬ ومع ذلك يظل سؤال الموارد ملحا بشدة.
وهنا يثور التساؤل: إلى أى مدى يساهم القانون رقم 19 لعام 2018 الخاص بتنظيم العمل فى المستشفيات الجامعية فى توفير بعض هذه الموارد اللازمة للارتقاء بالخدمة الصحية وبوضع الأطباء٬ من دون الإضرار بصناعة الطب٬ تلك التى إن فسدت لن تنفعنا ولو كل أموال العالم، بل ومن دون إهمال آدمية الفقير الذى يستحق الرعاية الصحية حتى وإن لم يمتلك ثمنها؟ أعتقد أن الإجابة لن تكون فى صالح القانون الجديد٬ خاصة أن المستشفيات الجامعية٬ فى سبيل تحقيق رسالتها التعليمية والبحثية، تستقبل أكثر من 60٪ من المرضى لثقتهم بها٬ وتقدم لهم علاجا مجانيا يوفره أعضاء هيئة التدريس. وهنا يأتى القانون ليبعد هؤلاء عن العمل فى هذه المستشفيات إلا من خلال تعاقدات شخصية لإدارة المستشفى مع الأطباء مقابل أجور٬ وهو ما يترتب عليه:
أولاً: إضعاف التعليم الطبى بكليات الطب بفصلها عن المستشفيات تلك التى تمثل للطبيب طريقة ومسارا واضحا للتعلم المهنى بما يهدد صناعة الطبيب المصرى. ولذلك نتائج سلبية داخليًا حيث تردى مستوى الخدمة الطبية المتقدمة، وخارجيًا٬ حيث ضعف قدرة الأطباء المصريين على إثبات نفسهم عالميًا٬ بل وتحويل نتاج عملهم بالخارج إلى الداخل.
ثانيًا: حرمان المرضى من علاج متقدم ومجانى على السواء - وإن شابه بعض النقصان لضغط الطلب على هذه المستشفيات - لصالح علاج غير مجانى٬ ربما يرسم قواعده قانون التأمين الصحى الجديد. صحيح أن هذا القانون يعبر عن طفرة فيما يتعلق بتقنين الرعاية الصحية فى مصر وتوفيرها٬ إلا أنه فى بلد مثل مصر يرتفع فيه مستوى الفقر٬ يظل سؤال حماية غير القادرين سؤالا ضاغطا جدًا لم يجب عنه قانون التأمين الصحى بشكل مكتمل. أما الأخطر هنا فهو أن الفقير الذى لن يجد العلاج المجانى سيذهب إلى من يستطيع أن يقدمه له حتى ولو بغلاف دينى متطرف٬ وهى كارثة كبرى!
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع