بقلم - نادين عبدالله
رفض البرلمان البريطانى مؤخرًا خطة تريزا ماى، رئيسة الوزراء، للـ«بركزيت» أو للخروج من الاتحاد الأوروبى. وهو ما يفتح الباب لسيناريوهات عدة، أغلبها للحقيقة كارثى- كما أوضحت تقارير عدة منها تقرير البى بى سى بتاريخ 15 يناير- وذلك كما يلى: أولا٬ عدم التوصل إلى أى اتفاق مع الاتحاد الأوروبى قبل الميعاد النهائى للانفصال٬ فى 29 مارس 2019 بما يعنى الخروج المباشر من الاتحاد الأوروبى بلا خطة واضحة٬ وبلا استعداد كاف، بما لذلك من تبعات غير سارة على الاقتصاد البريطانى. ثانيًا٬ العودة إلى مائدة التفاوض مرة أخرى٬ إلا أنه ليس ما يضمن موافقة الاتحاد الأوروبى على إعادة المفاوضات مرة أخرى٬ خاصة أن الأخيرة أكدت أنها ستقدم عرضها مرة واحدة ولن تعود فيه. ثالثًا٬ عقد استفتاء ثان فيما يتعلق بالبقاء فى الاتحاد الأوروبى أو تركه٬ وهو أمر يقابله٬ لو تم التوافق حوله من الأصل٬ مشكلات لوجستية عدة أقلها أن تنظيم الاستعدادات اللازمة له يتطلب حوالى ستة أشهر. وهو ما يعنى صعوبة تنفيذه قبل الميعاد النهائى لترك الاتحاد الأوروبى فى مارس القادم.
والواقع هو أن الموقف يزداد سوءًا ليس فقط بسبب ضبابية الأمر فيما يتعلق بشكل العلاقة مع الاتحاد الأوروبى وحدودها بل أيضًا بسبب انعكاسات ذلك على الوضع السياسى الداخلى الذى ترتفع حدة اضطرابه بعد توجيه حزب العمال طلبا لسحب الثقة من حكومة ماى عقب رفض البرلمان لخطة حكومتها. فلو وافق البرلمان على طلب سحب الثقة هذا٬ ستشهد بريطانيا صراعًا داخليًا جديدًا ستحاول فيه حكومة جديدة تشكيل نفسها من ناحية٬ وستسعى فيه حكومة ماى إلى استعادة الثقة فيها مرة ثانية من ناحية أخرى. وإن لم ينجح هذا أو ذاك٬ سيتم تنظيم انتخابات تشريعية جديدة بما يزيد الأوضاع صعوبة وتأزما.
فعليًا٬ هذا التخبط الظاهر فى عملية «البركزيت» يعطى درسًا لكل من لا يؤمن بالدراسات أو بالحسابات الدقيقة٬ ولكل من لا يصدق فى جدوى التشاور والمشاركة قبل إطلاق الخطب الرنانة٬ والترويج لخطط حماسية تبدو جميلة وسهلة لكنها واهمة لأنها غير مدروسة أو محسوبة العواقب. بالفعل٬ تعانى أوروبا اليوم من صعود اليمين المحافظ أو المتطرف الذى يطلق مثل هذه الشعارات٬ تلك التى تلهب القلوب وتدمر العقول. فماذا كانت النتيجة؟ فوضى ومأساة حقيقية فى دولة بثقل بريطانيا، فما بالك بالدول الأقل تقدما٬ والأكثر فقرًا تلك التى ينطلق مسؤولوها فى مشروعات غير محسوبة؟
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع