توقيت القاهرة المحلي 18:20:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

روعة الأسف

  مصر اليوم -

روعة الأسف

بقلم : أمينة خيرى

«آسف»!، كلمة تبدو عابرة، لكن لها مفعول السحر. يقولها أحدهم، فتهدأ الأجواء المحتقنة، وتلين القلوب الغاضبة، وتخفت حدة المشاعر السلبية. أفتقد الكلمة كثيرا. أشعر أنها ضمن ضحايا الحداثة والمعاصرة. درجة فقدانها تختلف من مكان لآخر، لكن أكثر ما يزعجنى هو الربط بين اختفائها وبين صعوبة المعيشة، وتعثر الاقتصاد، وانتشار المعاناة الاجتماعية.

منذ عقود طويلة، يفرض السؤال عن العلاقة بين أن يكون أحدهم متعبا أو فقيرا أو مضغوطا وبين أن يسمح لنفسه ويسمح له الآخرون بأن يكون غليظا فظا مفتقدا الذوق وبديهيات التعامل مع الآخرين.

قبل نحو 20 عامًا، كتبت مقالا عبرت فيه عن افتقادى وحنينى لتبادل الكلمات والعبارات التى تدل على اعتذار أحدهم لآخر فى الشارع، إن داس على قدمه، أو خبط فيه بحقيبة يحملها، أو ارتطم به دون قصد فى وسيلة مواصلات عامة أو ما شابه. وقتها قال لى أحدهم: «الناس غلابة وتعبانين، كيف نتوقع منهم أن يعتذروا لآخرين عن سوء تصرف بدر منهم؟!» وقال لى آخر: «إحنا فى إيه ولا فى إيه؟!» وكأن ظروف المعيشة الصعبة تتناقض وألف باء الذوق! أو كأن كلمة الاعتذار ستزيد من أحمالهم وتفاقم أحزانهم.

التربية على ثقافة الاعتذار عن خطأ مقترف، سواء كان مقصودا أو غير مقصود، أمر عظيم. وأرى أن هذا النوع من التربية تضاءل وتوارى بشكل شبه كامل لدينا. الاعتبار المفرط أو دون داعٍ مرفوض، لكن الاعتذار فى محله يدل على رقى صاحبه وثقته فى نفسه، والأهم من هذا وذاك أنه يعنى أنه «إنسان».

يقولون إن البريطانيين يعتذرون أكثر من اللازم، لكن ضمن أسباب سعادتى للعودة إلى بريطانيا أننى أسمع كلمة «آسف» كثيرا لا سيما فى المواصلات المزدحمة أو طوابير المشتريات وغيرها. كما أننى لا أشعر أننى «زومبى» حين أقول الكلمة التى باتت نادرة النطق فى شوارعنا ووسائل مواصلاتنا ومحالنا.

وأزيد من الشعر بيتا، إذ إن بعض الأهالى يربون أبناءهم على أن الاعتذار هو سمة الضعفاء، ومن مفردات الذل والهوان، وأنه يبعث برسالة للآخرين قوامها أن الشخص الذى يعتذر جبان وبلا قيمة. وأضيف إلى البيت شطرا مفاده أن من الأهل – وبعضهم متعلم ويقول عن نفسه إنه متدين- إن الرجل الحقيقى لا يعتذر، لأن الرجولة ثبات على المبدأ (حتى لو كان خربا) وتصميما على الموقف (حتى لو كان مثيرا للغثيان).

أدعو جبهة رفض الأسف إلى إجراء تجربة معملية قصيرة لن تخدش مكانتهم العظيمة، أو تجرح كرامتهم العتيدة. المرة القادمة حين تكون ماشيا فى الشارع وترتطم بأحدهم، قف ثانية وقل له فى ثانية أخرى «آسف»، ولاحظ الأثر. والمرة القادمة حين تكون داخلا محلا تجاريا أو مصعدا، وتهجم كعادتك لتمر قبل الخارجين أو تثبت سموك وعظمتك بأن تزيح من هم فى طريقك، قل لهم كلمة «آسف»، وأخبرنا عن الأثر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روعة الأسف روعة الأسف



GMT 09:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 09:30 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب «الجيل الرابع» تخوضها إسرائيل في لبنان!

GMT 09:28 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 09:27 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الجملة التي أبطلت مقترح قوات دولية للسودان!

GMT 09:24 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

مستر أبو سمبل!؟

GMT 09:22 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة الرئيس المنتخب أم الفوهرر ترمب؟

GMT 09:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة بدأت في الرياض

GMT 09:20 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

مسعَد بولس بعد وعود ترمب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
  مصر اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:09 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
  مصر اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 17:42 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن الفترات الصعبة في مشواره الفني
  مصر اليوم - أحمد عز يتحدث عن الفترات الصعبة في مشواره الفني

GMT 00:26 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

موعد نهائي دوري أبطال أفريقيا بين الأهلي والزمالك

GMT 07:19 2020 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الخميس 8 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 05:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير مكرونة باردة بالجمبري

GMT 05:32 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير عصير الليمون باللبن

GMT 23:50 2020 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

انخفاض سعر نفط خام القياس العالمي

GMT 23:25 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 19:23 2020 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

منال سلامة تكشف كواليس تعرضها لحادث مميت

GMT 23:49 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الأحد 13 سبتمبر 2020

GMT 16:49 2020 السبت ,12 أيلول / سبتمبر

مقتل شخصين في تحطم طائرة قرب مطار لوس أنجلوس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon