بقلم : أمينة خيرى
قدَر ومكتوب. لن ينجو أحد مما يجرى فى أوكرانيا. نالنا وسينالنا الكثير. بعضه معلوم والبعض الآخر فى علم الغيب. ما يعنينا الآن هو كيف نتعامل مع الوضع الاقتصادى والاجتماعى الراهن؟!. أى استخفاف أو تسويف أو تقليل بالوضع أو الآثار سيُصيب الجميع بالضرر دون استثناء. ومزيد من الاعتماد أو الاكتفاء بحلول البيض غير الأورجانيك بالبسطرمة أو حشو البط والإوز بالأرز بديلًا عن الفريك سيتعدى مرحلة الـ«ميمز» الضاحكة والتدوينات الساخرة إلى ما هو أخطر بكثير.
الوضع الاقتصادى السيئ أممى؟، نعم!، أى أنه ليس حكرًا علينا؟، نعم!. ما المشكلة إذن؟. المشاكل متعددة، فنحن لم نتعافَ بعد أو نشم أنفاسنا من خطوات إصلاح اقتصادى كان يُفترض أن تحدث قبل عقود، لكن تأجلت إلى أن فرضت نفسها فرضًا. ونحن لم نتعافَ أو نشم أنفاسنا بعد من أحداث جسام على مدار عقد كامل منذ أحداث يناير 2011 مرورًا بعملية الإنقاذ فى عام 2013 وما تخلل ونجم عن ذلك من ضغوط سياسية واقتصادية من الداخل والخارج. ونحن لم نتعافَ بعد أو نشم أنفاسنا من عامين ثقيلين من وباء ضرب بمتحوراته وتطوراته المُزرية بعنف وضراوة. وما إن بدأنا نأمل فى أن نتعافى ونشم أنفاسنا قليلًا حتى قررت روسيا أن تخوض حربًا فى أوكرانيا هى أقرب ما تكون إلى حرب عالمية حيث الآثار عابرة للحدود والظلال من أثقل ما يكون. قمح ونفط وغاز على رأس القائمة، وعلاقات دولية تتزلزل وتتخلخل فى وسطها، أما النهاية فمازال المؤلف يبحث عنها.
ماذا نحن فاعلون إذن، وقد بدأت الآثار الاقتصادية التى تقترب من جيب المواطن وحسابه المصرفى المتواضع وكيلو «الجبنة» الذى يشتريه بدون بسطرمة، وبالطبع بدون بيض أورجانيك، فى الهجوم؟. علينا أن نعِى أن القادم ليس سهلًا، لكننا فى الوقت نفسه قادرون على الخروج منه بسلام وبأقل أضرار ممكنة فى حدود المتاح.
وما هو المتاح؟. المتاح هو شفافية مطلقة ومصارحة دون تجميل أو تطبيل أو استهانة بعقل المواطن فى تقديم المعلومات والحقائق. وفى حال كان هناك إصرار من قِبَل البعض، ولاسيما من قِبَل زملاء فى الإعلام- ولو بحسن نية- على تجميل الأوضاع بشكل مُبالَغ فيه، فإن الملجأ متاح والمهرب فاتح ذراعيه. السوشيال ميديا عامرة بكل ما من شأنه أن يدغدغ مشاعر المواطن التعبان (بفتح التاء). الجرعة الموجودة حاليًا مكثفة، وهذا متوقع، فالقَفّازون والمتربصون يعرفون جيدًا متى ينكأون الجرح. ومطلوب كذلك أن يعِى كل من المواطن والمسؤول أن كليهما يعانى أزمة متوارثة فى الآخر، فالمواطن شكّاء بكّاء منذ عقود طويلة، والمسؤول يجمل ويؤجل ويتجاهل منذ عقود طويلة. أزمة الثقة لن تُحل بين ليلة وضحاها، لكننا جميعًا فى مركب اقتصادى بالغ الصعوبة الآن يحتاج خبرات فى عرض المعلومات، لا خوابير استراتيجية، ومكاشفة من الحكومة، وسعة صدر وقلب وعقل من المواطن.