توقيت القاهرة المحلي 02:08:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لهم سايبرهم ولنا سايبرنا

  مصر اليوم -

لهم سايبرهم ولنا سايبرنا

بقلم : أمينة خيري

 إنهم يمضون قدمًا فى تأسيس أقسام للهجمات العنكبوتية وسبل الدفاع على شبكة الإنترنت فى الجامعات والمعاهد، ونحن نسير على نهج انتظار البلاء ليقع على رؤوسنا عبر استطلاع رأى هنا أو مقال تحليلى هناك، ثم نكحلها فنعميها.

عمى البصيرة قاتل، وبصيرتنا التخطيطية تعانى الأمرين. دخلنا كما دخل العالم عصر تكنولوجيا المعلومات ورقمنة الأشياء، واندلفنا وغرقنا حتى الشوشة عنكبوتيًا، لكن الغرق كعادتنا جاء حنجوريًا والاندلاف كما اعتدنا لم يكن سوى سطحى.

كم الهبد والرزع الدائرة رحاهما على الشبكة والنابع من المحروسة هائل وزاعق، لكن ماذا فعلنا للحماية والوقاية والتوقع والجاهزية؟! الهواتف المحمولة ونعمة الاتصال بالشبكة باتت متاحة للملايين، لكن هل هذه الملايين مؤهلة ثقافيًا وتعليميًا وحدسيًا لما يدور على الشبكة؟ تطرح هذا السؤال فيأتيك أحد ردين مصريين لا ثالث لهما: الحل هو المنع وقصر الإتاحة على من يدفع بعد تسليم بطاقته الشخصية والتوقيع على استمارة التلصص على ما يكتب وما يقرأ، أو الحل هو الإتاحة بلا حدود والفتح دون قيود اتباعًا لمنهج «ثورة حتى النخاع» و«حرية بلا مسؤولية».

الحلول الثلاثة المنتمية إلى مجال غائب عن حياتنا وميت فى ثقافتنا الحديثة النابعة فى عصر «لا تجادل ياأخ على» «وهى كده» و«ربنا يستر» لم تظهر بعد. فى طنجة حيث فعاليات مؤتمر «سايفاى أفريقيا» للتكنولوجيا والابتكار والمجتمع (نظمته وزارة التجارة والصناعة والاستثمار والاقتصاد الرقمى ومجلس جهة تطوان الحسيمة ومركز الدراسات والأبحاث الهندى أو. آر. إف) يتواتر المتحدثون وأطالع مناصبهم ومجالات تخصصاتهم. أستاذ من جامعة نيجيريا كلية الحاسب الآلى قسم «هجمات وحماية سيبرانية cyber»، مسؤولة سياسات الحماية على الشبكة العنكبوتية فى «مايكروسوفت»، مدير قسم تنسيق السياسات العنكبوتية فى وزارة الخارجية الألمانية، مدير قسم السايبر، الفضاء وصراعات المستقبل فى مركز دراسات استراتيجية، سكرتير وزارة الخارجية الهندية فى قسم الديبلوماسية السيبرانية، أستاذة المخاطر السياسية والتوقع فى جامعة نيويورك، منسق تكنولوجيا المعلومات فى لجنة مناهضة الإرهاب فى الأمم المتحدة، وقائمة المناصب والمواقع التى لم نسمع عنها من قبل طويلة جدًا.

والنقد الذاتى لا يضر، بل يفترض أن يفيد. دول مثل الهند ونيجريا والسنغال وتنزانيا سبقتنا بخطوات فى مجال دراسة مخاطر الشبكة العنكبوتية وهجماتها وسبل الوقاية والاستعداد لها وهو ما يسمونه بـ«الأمن السيبرانى». وعلينا أن نعترف أن ذكر كلمة «سايبر» فى بلدنا الحبيب لن يثير العجب أو يدعو إلى الاستفسار. فــ«أنا رايح السايبر» أو«جاى من السايبر» يعنى أن أحدهم سيتوجه إلى المقهى العنبكوتى ليتمكن من الاتصال بالشبكة العنكبوتية، غالبًا بغرض الألعاب الإلكترونية، أو الدردشة بعيدًا عن الأعين المتلصصة، أو غيرها من الأنشطة «السيبرانية» التى باتت معروفة مصريًا.

لكن الـ«سايبر» الذى يتحدث عنه بقية العالم مختلف قليلاً. فبدءًا من الهجمات العنكبوتية التى تشنها دول ضد أخرى، والميليشيات الإلكترونية التى تحشد وتفسد وتشيع الإشاعات وتنشر الأكاذيب بهدف صناعة رأى عام يهدم دولاً ويسقط أنظمة، مرورًا بتعاون دول مع شركات معلوماتية للحصول على بيانات شخصية خاصة بالمستخدمين واستخدامها لتوجيه نتائج انتخابات ومن ثم تسيير مصائر دول، وانتهاء بالـ«هاكرز» البسطاء الذين يسرقون معلومات بطاقات بنكية أو يفبركون صورًا شخصية أو ينتحلون صفة آخرين ينشغل العالم من حولنا بأمن الـ«سايبر» وأمانه وسبل الوقاية والعلاج.

الرابضون خلف شاشاتهم لم يعودوا مجرد مطلعين على الشبكة العنكبوتية لكنهم باتوا مسؤولين عن أمنهم وأمانهم ومصائر دولهم عبر وعيهم العنكبوتى. والمسلحون والمقاتلون على الأرض حيث داعش وأخواتها هنا ونصرة وقاعدة وأبناء عمومها هناك ليسوا إلا نتاجا لنشاط عنكبوتى محموم. والصراعات بين الدول والاحتقانات الدبلوماسية والانتقامات السياسية لن تكون عبر طرد سفير هنا أو حظر اقتصادى هناك فقط، لكن أغلبها وأقواها سيكون عبر هذه الشبكة التى نصب نحن جل اهتمامنا فيها على تدوير «جمعة مباركة» محمومة أو تحميل أغنية «آه لو لعبت يازهر» أو مشاهدة أحدث فضيحة للفنانة فلانة أو أعنف خطاب فتنة للشيخ علان.

وبينما نحن نغرق فى غياهب اهتمامات أغلبها يندرج تحت بند «قلتها أحسن»، ونتصور أن المعركة المحمومة التى نخوضها على صفحتنا الفايسبوكية لإثبات أن الطماطماية تحمل لفظ الجلالة، وإجبار الأصدقاء على إعادة تدوير دعاء أول رمضان ومنتصف رمضان وآخر رمضان وإرسالها لمائة من الأصدقاء وإلا مسنا ضرر وضربنا ملل، يمضى العالم قدمًا فى تدريس علوم الــ«سايبر» من هجمات ووقاية ودبلوماسية وتمكين وتدبير وتوقع وتدبر.

من طنجة إلى القاهرة، ومن القاهرة إلى لاجوس، ومن لاجوس إلى دلهى، ومن دلهى إلى داكار خيوط وشبكات معرفية ومجالات لا أول لها ولا آخر للاستفادة لمن يرغب.

أما من لا يرغب، فعليه التوجه إلى «السايبر» لممارسة الألعاب الإلكترونية والدردشة بعيدًا عن الأعين وتحميل أحدث أغانى أوكا وأروتيجا. لهم سايبرهم ولنا سايبرنا.

 نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لهم سايبرهم ولنا سايبرنا لهم سايبرهم ولنا سايبرنا



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:14 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
  مصر اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
  مصر اليوم - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 14:07 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"يوتيوب" يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي
  مصر اليوم - يوتيوب يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة

GMT 23:05 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

يونيون برلين الألماني يسجل خسائر بأكثر من 10 ملايين يورو

GMT 02:11 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

طبيب روسي يكشف أخطر عواقب الإصابة بكورونا

GMT 09:43 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كباب بالزعفران
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon