بقلم : أمينة خيري
صادفت قناة تليفزيونية عربية تبث برنامجًا دينيًا باللغة الإنجليزية، ومقدم البرنامج الستينى، وربما السبعينى، بكامل عدته من لحية بيضاء طويلة وغطاء رأس وجلباب ويتحدث بطلاقة فى أمور «الدين» بلكنة أمريكية منبعها خليجى. قال بحكمة بالغة وسماحة يحسد عليها: «لو أبناؤنا لديهم صور عليها ميكى أو مينى (ميمى) ماوس، لا بأس، دعونا لا نضيق عليهم، فالدين يسر. علينا فقط أن نغطى الوجه حيث الملامح المحرمة شرعًا بزرار أو ما شابه. لكن لو كان ميكى على هيئة تمثال (وهنا عبست ملامحه وغلظت أواصره) فهذا حرااام لا جدال فى ذلك. والبيت الذى فيه تماثيل ورسوم تقلد خلق الله سبحانه وتعالى لا تدخله الملائكة». وبخليط مدروس مسبقًا من الاستفسار الممزوج بالتهديد والوعيد قال: «وهل هناك مسلم حقيقى لا يريد أن تصاحبه وتعيش فى بيته الملائكة؟».
الملائكة الذين حذر الرجل من غضبهم منا وتركهم بيوتنا وتوقفهم عن مصاحبتنا لو أكملوا مشاهدة البرنامج لصبوا لعناتهم على الرجل ومشاهديه وكل من ساهم سواء بصنع أو مشاهدة أو السكوت على هذا الهراء. فقد مضى الرجل متبحرًا فى شؤون الملابس «السينييه» وكيفية التصرف فيها، بناء على سؤال مهم من أحد متابعيه. كيف يتصرف المسلم الفطن فيما لديه من «كوكو شانيل» و«إيف سان لوران» و«فرساتشى»؟ هل يتخلص منها ويلقيها فى القمامة بعد أن يحرقها حتى لا يتحمل وزر من يلتقطها من القمامة ويرتديها؟ قال بسماحة ويسر: «الأمر بسيط، لو كانت علامة الملابس خالية من الملامح، أى لو كانت شعارًا أو كلمات فارتداؤها حلال حلال. ولو كانت فيها ملامح وجوه سواء لبشر أو حيوانات، فإما تغطية الوجه أو لو كانت بوجه بلا ملامح فهذا أيضًا حلال. وضرب الشيخ الجليل مثالاً بالملابس الرياضية ماركة Puma وهى من فصيلة القطط المتوحشة، حيث تتخذ العلامة شكل الجسم دون ملامح الوجه، فهذا حلال. أما الحرام البيّن، كما أوضح الشيخ، فيقبع فى حقائب وملابس «كيبلينج» التى يصاحب كل منها لعبة صغيرة جدًا على شكل قرد، ويحبها الأطفال والكبار. لكنها حرااااام حرام، إلا لو تخلصنا من القرد، فتصبح حلالاً حلالًا.
ومضى البرنامج قدمًا فى الرد على أسئلة المتابعين والمتابعات باللغة الإنجليزية حتى تعم الفائدة أرجاء المعمورة، وينتشر الحق على وجه الكوكب، ونقهر الغرب ونفتح الشرق ونرهب العدو صانع الملابس السينييه وناحت الملامح الإنسانية والحيوانية عدو الله وهادم الدين. الأمة إذاً - دون استثناء - فى أزمة. والخطاب مستمر فى دقة دون هوادة لا يتوقف لحظة أمام محاولات تجديد أو تنقية أو تطهير خطاب غارق فى الجهل والتطرف هنا، ولا يعنيه كثيرًا قرار دولة هناك بنفض غبار الرجعية والتطرف. وهو يبث سمومه بالعامية المصرية متحدثًا عن العباءة السوداء والنقاب ودخول الحمام، ويبخ قطرانه بالإنجليزية محذرًا من بيت فيه ميكى لا تدخله الملائكة.