توقيت القاهرة المحلي 21:08:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شميمة وقديرة وأميرة

  مصر اليوم -

شميمة وقديرة وأميرة

بقلم : أمينة خيرى

السعة الاستيعابية لأمخاخنا تئن من وطأة الأحداث وثقل المجريات. ولكن علينا أن نستحضر أحداثاً بعينها بين الحين والآخر لأنها ليست فقط بالغة الأهمية، ولكن لأنها دالة وقادرة على تكرار نفسها. وبين الأحداث التى نشهدها أيضاً ما من شأنه أن يخبرنا بما تعجز أكبر المنصات الإعلامية عن إخبارنا تفاصيله وأعتى الدول عن الإفصاح عنه.

قضية «شميمة» و«قديرة» و«أميرة»، فتيات «داعش» البريطانيات الثلاث اللاتى سافرن من بريطانيا إلى تركيا ومنها إلى سوريا، حيث أصبحن عرائس داعشيات. صحيح أن هناك الآلاف من أمثال شميمة وقديرة وأميرة، ولكن القصة الآخذة فى التجلى حيث أبعاد يشيب لها الولدان، وتتعجب لها العقول والأفئدة هى قصة «شميمة». وبالمناسبة فإن قصة «شميمة» وتفاصيل سفرها إلى سوريا لتقوية شوكة داعش بعرائسه من المراهقات من شتى الجنسيات (بينهن 900 فتاة وسيدة من بريطانيا وحدها)، لم يكن لها لتتجلى وتتضح إلا لسبب واحد. فالأخت «شميمة» حين انتهت مهمتها أو رحلتها أو مغامرتها فى داعش، أرادت أن تعود لتستأنف حياتها فى بريطانيا بشكل عادى، لكن بريطانيا كان لها رأى آخر، وهو حظر عودتها وآخرين.

ولمن لا يعرف الأخت شميمة، فهى كانت طالبة فى مدرسة ثانوية فى الـ15 من عمرها وقت قررت أو وقت تم تجنيدها للالتحاق، وذلك فى عام 2015. إعلام العالم كان يتحدث عن «شميمة»، باعتبارها «عروس الدولة الإسلامية»، التى «سافرت من بريطانيا إلى سوريا عبر داعش»، هكذا بكل بساطة. تفاصيل السفر، لا سيما إلى تركيا فى هذا التوقيت، والذى كان «موسم» سفر الشباب والشابات والمقاتلين والمقاتلات الراغبين فى الانضمام إلى ما يسمى «دولة الخلافة»، هكذا دون أن تستوقف الرحلة أعتى أنظمة المخابرات أو أياً من أفراد الأمن والأمان. المهم سافرت الأخت شميمة وانضمت إلى داعش وتزوجت «أخاً» هولندياً مقاتلاً فى صفوف التنظيم كذلك. وأنجبت شميمة أثناء سنوات بقائها فى الرقة ضمن صفوف التنظيم ثلاثة أطفال ماتوا جميعاً. وتقول إن الأخير مات متأثراً بالالتهاب الرئوى.

وحتى يتمكن القارئ من تكوين صورة أوضح عن نموذج الأخت شميمة، فقد قالت قبل سنوات إنها ليست نادمة على الإطلاق على انضمامها إلى داعش. وقالت حرفياً: «حين رأيت رأساً مقطوعاً للمرّة الأولى، لم أضطرب إطلاقاً».

الأخت شميمة مودعة حالياً فى معسكر اعتقال «روج» فى شمال شرقى سوريا تحت إدارة «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية. ولديها طاقم محامين موكلين عنها فى قضيتها المطالبة بحق العودة إلى «بلدها» بريطانيا. وضمن الطاقم المحامية جاريث بيرس، التى سبق ودافعت عن الأردنى عمر محمود عثمان المعروف بـ«أبوقتادة»، الذى كان ملقباً إعلامياً بـ«سفير بن لادن فى أوروبا».

ما الجديد إذن فى قصة الأخت شميمة الكفيلة كل تفصيلة من تفاصيلها بطرح عشرات الأسئلة الاستفهامية والاستنكارية حول دور الدول، وحجم المعلومات الأمنية، وماهية داعش، ودور الكثير من الدول، لا سيما دول العبور إلى داعش وغيرها؟ الجديد هو صدور كتاب «التاريخ السرى للعيون الخمس: القصة التى لم تُحكَ عن شبكة الجاسوسية الدولية» لريتشارد كيرباج.

(العيون الخمس هو تحالف مخابراتى لتبادل المعلومات بين بريطانيا وأمريكا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا).

وحسب الكتاب الصادر قبل ساعات، فإن شميمة تم تهريبها من خلال «جاسوس» كندى، وحسب المؤلف فإن الأجهزة الأمنية الكندية علمت بما جرى وتسترت عليه، لكنه ذكر أيضاً أن المخابرات الكندية لم تعلم بشأن تجنيد شميمة إلا بعد أربعة أيام من مغادرتها بريطانيا، وكانت قد عبرت بالفعل الحدود إلى سوريا.

رئيس الوزراء الكندى جاستن ترودو قال معلقاً على هذه «الأقاويل» إن هناك حاجة لأن تكون أجهزة المخابرات «مرنة ومبدعة»، مع الالتزام فى الوقت نفسه بقواعد صارمة. وقال إن كندا ستعمل على متابعة ما يدور من أسئلة حول حوادث وعمليات معينة فى الماضى!

مقالات صحفية كثيرة فى بريطانيا خرجت منذ صدور الكتاب مطالبة السلطات البريطانية بالكشف عن حقيقة ما جرى، بل واتهام السلطات بإخفاء حقيقة تهريب شميمة، مع التلويح بأن شرطة لندن كانت على علم بأن شخصاً يعمل فى الاتجار بالبشر يعمل لصالح المخابرات الكندية هو المسئول عن مساعدة شميمة وصديقتيها بالسفر إلى الرقة فى سوريا.

وحسب الكتاب أيضاً، فإن هذا الشخص «عميل مزدوج» اسمه محمد الراشد. وقد التقى شميمة وصديقتيها فى محطة باصات فى إسطنبول وعرض مساعدتهن فى إكمال رحلتهن إلى الرقة. ويقول المؤلف أن الراشد أطلع كندا على تفاصيل جواز سفر شميمة بعد أن حصل على صورة منه، وأنه عمل فى تهريب عشرات الأشخاص من بريطانيا للانضمام إلى «داعش». والمفاجأة الكبرى -حسب الكتاب، والتى ربما تسفر الأيام المقبلة عن التحقق منها أو نفسها- هى أن هذا الشخص كان عميلاً مزدوجاً لكل من داعش والمخابرات الكندية!

الأخت شميمة مجرد حالة واحدة بين آلاف الحالات، سواء التى عادت إلى بلدانها أو القابعة فى معسكرات اعتقال فى سوريا أو على الحدود. «المركز الدولى لمكافحة التطرف» فى «كينجز كولدج» فى لندن قدر أعداد «العائدين من داعش من مواطنى دول الاتحاد الأوروبى (قبل بريكست بريطانيا) بنحو 53 ألف رجل وامرأة وطفل. وأبرز الدول المصدّرة لهم بترتيب الأعداد تنازلياً هى: بريطانيا وفرنسا وألمانيا والسويد وبلجيكا وهولندا.

حكايات «داعش» وإن غابت عن الأخبار اليومية حية تُرزق بيننا، وتستحق البحث والتفكير واستخلاص الدروس والعبر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شميمة وقديرة وأميرة شميمة وقديرة وأميرة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon