توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وجهة سياحية «ماسخة»!

  مصر اليوم -

وجهة سياحية «ماسخة»

بقلم : أمينة خيري

 قبل شهر بالتمام والكمال، بدت أمارات وبشائر تشير إلى عودة للسياحة القادمة إلى مصر. وهى عودة- إن اكتملت- ستكون بطيئة وصعبة. كما ستكون أشبه بالاختبار الذى تجريه الزوجة العائدة إلى بيت الزوجية بعد خناقة عارمة مع زوج أغضبها، مرة لظروف خارجة عن إرادته ومرة لأسباب وعوامل تتعلق بقصر نظره وجمود قلبه وتحجر عقله!

قلب السياحة وعقلها يكمن فى شعور السائح بالأمان. والأمان لا يقتصر على تعريفات فى ضوء محاربة الإرهاب ومواجهة عمليات التفجير والتفخيخ... إلخ، وهى العمليات التى بات العالم يعرف أنها تحدث هناك كما تحدث هنا، لكنها تشمل شعوره بالأمان والراحة النفسية وهو يمشى فى شارع هنا، أو يجلس فى مقهى هناك، أو يقضى يومًا فى الأهرامات أو خان الخليلى أو القاهرة القديمة أو ما شابه. وقبل شهر بالتمام والكمال أيضًا، كتبت هذه الكلمات: «ولأن الله هو الحامى، ومن بعده قوات الأمن التى تسهر وتتابع وتراقب وتقى وتتأهب (دون تمضية وقت العمل فى تكتكة على موبايل أو تعسيلة تحت ظل شجرة أو وجبة فول وفلافل ساعة عصارى مع الزملاء والأصدقاء)، فإن العنصر البشرى المصرى يحتاج منا وقفة سريعة وقوية. وسبب السرعة هو أن المؤشرات تؤكد أن العودة المرتقبة باتت قريبة. وأما القوة لأن ما ضرب أخلاقنا وسلوكياتنا وتصرفاتنا بلغ درجة من القوة فى التردى والتدهور ما يستدعى قوة مماثلة فى التقويم والتوعية.

وإذا كانت ظاهرة العنف والتردى الأخلاقى وغيبوبة تطبيق القانون فى سنوات ما بعد ثورة يناير تصيبنا بأمراض الضغط والسكر والاكتئاب، فإن بشائر عودة السياحة وما تعنيه من إعادة بث الروح فى ملايين البيوت المصرية التى كانت تعتمد على الأعمال المرتبطة بها كمصدر لدخلها، فربما تشجعنا على النظر فى المرآة لنواجه أنفسنا بالقدر الكبير من القبح الذى أصابنا. انعدام قيم النظافة، وتبدد قواعد النظام، وتبخر أبجديات الذوق والتربية قادرة أن تجعل من بلدنا وجهة سياحية قبيحة ماسخة».

وعرفت المسخ بأنه «ذلك الذى يتصف به البعض من الباعة اللحوحين أو المتسولين الزنانين أو النصابين الجوالين الذين دأبوا على مضايقة السائح وملاحقته فى شوارع وسط القاهرة والأماكن السياحية، وهو المسخ المرشح للتحول إلى قبح قاتل. فبين تحرشات فجة، ونظرات مستطلعة مخترقة خصوصية الآخرين، وتعليقات سخيفة رذيلة، وتصرفات قبيحة حرى بنا البدء فورًا فى عمليات توعية للجميع من جهة، ومراقبة ومحاسبة للمخطئين دون تفرقة أو تجاوز من جهة أخرى». وقبل أيام وافق مجلس النواب على قانون ينص على عقوبة مالية لمن يتعرض للسياح وزوار المواقع الأثرية والمتاحف تتراوح بين ثلاثة وعشرة آلاف جنيه مصرى.

والمقصود بالتعرض هو الإلحاح على السياح والزوار رغمًا عنهم بقصد التسول أو الترويج أو عرض أو بيع سلع أو خدمة للشخص نفسه أو لصالح الغير. الإيجابى فى هذا القانون هو أنه يعكس معرفة كاملة وإلمامًا شاملاً بأننا نواجه أزمة سلوكية وأخلاقية حقيقية، وإن الوضع الأخلاقى السائد فى الشارع والمتردى بشدة لا يصلح لاستقبال سياح.

أما السلبى فهو- ودون مواربة- عدم قدرتنا (وربما عدم رغبتنا) فى تطبيق القوانين.

والسؤال هو: من الذى سيطبق القانون الجديد الذى يحمى السائح من الرذالات والبلطجة؟ هل هو أمين الشرطة والضابط؟ وهل هما قادران أو راغبان فى التطبيق؟ وإن كانا كذلك، فلماذا تركا الوضع يصل فى منطقة الأهرامات لدرجة أن صبية وشبابًا ورجالاً يلقون أنفسهم على سيارات الزائرين ويجبرونهم على التوقف ويهددونهم ضمنيًا بضرورة دفع أموال حتى يتركونهم؟! ولماذا تركا عربات مترو الأنفاق (وتحديدًا الخطين الأول والثانى) مرتعًا لجيوش الباعة الجوالين والمتسولين يصعدون ويترجلون على مرأى ومسمع من الجميع؟! ولماذا تركا الشوارع والميادين تتحول جراجات لسيارات تقف فى الممنوع، وأخرى تسير عكس الاتجاه.

وكل ما سبق، أنا وأنتم نعلم أنه حقيقة واقعة، وليس ادعاء أو محاولة لتشويه شعبنا المتدين بالفطرة.

للمرة المليون بعد الدشليون، إلى أن نبدأ فى الخروج من «بكابورت» الأخلاق المتدنية عبر إصلاح التعليم وفصله عن التديين، وإعادة إعمار التربية والعودة إلى غرس مفاهيم العيب والصح وليس الحرام والحلال فقط، لا بديل عن تطبيق القانون بحسم وحزم على الجميع.

نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وجهة سياحية «ماسخة» وجهة سياحية «ماسخة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon