بقلم : أمينة خيري
ومن المكاسب الكثيرة لفوز منتخب مصر للناشئين ببطولة العالم أنه يكسر هالة القدسية، ويطيح بأكذوبة الأحادية، اللتين تحيطان بلعبة كرة القدم. هى بالطبع اللعبة رقم واحد فى الغالبية المطلقة من دول الكوكب، وستظل كذلك لحين إشعار آخر، لكنها حتمًا ليست الأفضل أو الأرقى أو الأوحد. يمكن القول إنها الأوفر حظًا وتوليدًا للربح وتصنيعًا لهوامش البزنس. لدينا بزنس التحليل، وبزنس المشاهدة، وبزنس المقاهى، وبزنس الملابس والأعلام والقبعات والأبواق، وبزنس طباعة صور اللاعبين والمنتخبات والأعلام على عبوات المياه الغازية، وبزنس طباعة كتب التلوين وجميع صور الأعلام واللاعبين المخصصة للأطفال، وبزنس بيع الصحون اللاقطة والتوصيلات السارقة، وبزنس التأمين والتفتيش، والقائمة طويلة ومبدعة ومتجددة. لكن الجديد الذى طرحه الفوز العظيم لمنتخب ناشئينا لكرة اليد هو هز عرش الساحرة المستديرة بالحجة والبرهان، لا بالتنظير والكلام، فها هى فرق شبابية اجتهدت، وتم التخطيط الجيد لها على مدى سنتين قبل البطولة، «وهذا شىء نادر الحدوث فى ثقافتنا الاتكالية المتكاسلة. المصريون يستحقون ساحة رياضية أرحب وأوسع من هيمنة كرة القدم وسيطرتها وافتئاتها على جيوب الملايين. وبناتنا وأبناؤنا جديرون بفرص عديدة لممارسة رياضات يجب أن تخرج من دائرة كرة القدم الضيقة. ونحن نود أن نتعرض لنوعيات مختلفة من الرياضات الكفيلة بإخراجنا من عبودية كرة القدم والبزنس الطابق على زُمّارة رقبتنا. وهناك الملايين التى لم تعتقد أن كرة القدم وحدها هى الرياضة، وكل ما عداها هزل وهراء. وباعتبارى أمًا لبطلة رياضية أمضت طفولتها ومراهقتها وحاليًا شبابها فى لعبة رياضية بالغة الصعوبة والدقة والخطورة، ألا وهى الغطس، يمكننى القول إنه لا المواطنون العاديون أو الإعلاميون أو حتى المسؤولون يدركون أن هناك العشرات من الرياضات التى تفوق كرة القدم فى الصعوبة، وتتمتع بسمعة ومكانة بالغة الرقى لدى دول العالم، ولديها جماهير ومحبون وعشاق يتابعونها، ورجال أعمال يدعمونها ويستثمرون فى لاعبيها، وجامعات تستقطب المتميزين فيها. وأذكر وقت دورة الألعاب الأوليمبية التى أُقيمت فى ريو دى جانيرو عام 2016، والتى شرفت ابنتى بالمشاركة فيها ضمن منتخب الغطس المصرى، فوجئت بمذيعين ومذيعات يعلقون على أداء اللاعبين واللاعبات تعليقًا يكشف جهلًا تامًا بهذه الألعاب، وعدم دراية مدقعة بما يمر به هؤلاء اللاعبون واللاعبات، وعدد كبير منهم وصل إلى ما وصل إليه من عالمية بجهود ذاتية. والحق يُقال إن الرئيس السيسى هو رئيس مصرى يولِى الرياضات المختلفة، وليس كرة القدم فقط، الاهتمام والتكريم والتبجيل اللائق بها. هذا الاهتمام من شأنه أن ينبه المصريين لحقيقة أن الساحة الرياضية تستحق الاستكشاف والاهتمام والمتابعة والتشجيع وكذلك الممارسة، لعل الرياضة تصلح ما أفسدته فى نفوسنا وعقولنا وقلوبنا عقود من التغييب والاحتكار والكسل والإلهاء.