بقلم : أمينة خيري
على غرار «لا تخافوا.. لكن احذروا» التى قالتها الفنانة هند صبرى فى فيلم «الفيل الأزرق 2» يقول خبراء الطاقة النووية إن على الدول المقبلة على إنشاء مفاعلات نووية ألا تخاف منها مع وجوب الحذر. والحذر يبدأ مع التخطيط لها ويمر بالتشييد وبدء العمل بها ولا ينتهى. السياسى البريطانى المحنك تيموثى يو من أشد المؤيدين والداعمين للطاقة النووية. دشن «المؤسسة الجديدة للمراقبة النووية» فى بريطانيا فى عام 2014، وتعمل على توضيح الحقائق فى شأن الطاقة النووية التى يعتبرها وسيلة أوروبا المثلى لتأمين طاقتها على المدى الطويل. وهو يطرح أدوات للدول المقبلة على الطاقة النووية لتأمن وتراقب وتخطط لما هى مقبلة عليه. تأسيس لجنة تتمتع بالاستقلالية عن الحكومات- وتحوى فى عضويتها خبراء ومحللين على درجة من النزاهة والمعرفة لمراقبة وتقييم النشاط النووى- أمر مهم، لا سيما للدول القادمة حديثاً لهذا الملف. لكنه يعاود التأكيد على حتمية «استقلالية» هذه اللجنة تماماً عن الحكومة ضماناً لتنفيذ مهمتها وتحقيق الغرض منها. وفى ورشة عمل مقامة فى لندن عن الطاقة النووية واستدامتها والموجهة لإعلاميى عدد من الدول، سواء التى لديها مفاعلات تعمل بالفعل، أو مقبلة على تدشينها، تدور الأحاديث حول أهمية توافر المعلومات وإمكانية تداولها فى هذه الدول. وبالطبع فإن الإشارة إلى الكوارث النووية التى حدثت على الكوكب مستمرة. ويتضح تماماً أن حجب المعلومات أو تمرير بعضها وحجب البعض الآخر أو التهوين أو التهويل كلها عوامل تلحق الضرر بملف الطاقة النووية من ألفه إلى يائه. كما أن عدم تأهيل المجتمع، وتوعيته، وفتح باب الحوار للتعرف إلى مصادر القلق وعرض الحقائق العلمية، سواء الداعمة للطاقة النووية أو المحذرة منها أمور ينبغى النظر لها من قبل الدول بعين الاعتبار. ووجود مجتمع «فاهم»، وليس بالضرورة «داعم» للطاقة النووية، أمر صار حتمياً لا سيما فى عصر تحولت فيه مواقع التواصل الاجتماعى إلى مصادر خام للمعرفة وصناعة وتوجيه الرأى العام، سواء على سبيل التضليل أو التوعية. فتح الحوار وطرح الحقائق والبحث فى حقيقة ما جرى فى تشيرنوبل فى إبريل عام 1986 أو فوكوتشيما فى مارس عام 2011 ضرورة حتمية. والرأى العام ممهد وراغب فى المعرفة. وليس أدل على ذلك من النجاح المبهر لحلقات «تشيرنوبل» التى يقبل الملايين على مشاهدتها على نتفلكيس، ومن ثم تخضعها لحوارات ونقاشات على مواقع التواصل الاجتماعى. كما أن ربط الغالبية بين حادثى تشيرنوبل وفوكوتشيما واعتبارهما «كارثتين نوويتين» متطابقتين، رغم أنهما أبعد ما يكونان عن ذلك أمر يوجب على الدول المقبلة على الطاقة النووية فتح المجال العام للنقاش والمعرفة دون حجب أو تمويه، فربما تكون هذه الطاقة وسيلة مأمونة وضامنة لتحقيق الرفاهية. علينا ألا نخاف، لكن الحذر واجب.