بقلم : أمينة خيري
الحياة الدراسية لا تستوى بدون أنشطة طلابية. قد ينجح الطالب ويحرز أعلى الدرجات، لكن تظل شهادته غير مكتملة الأركان. فالعلم ليس كتابًا وتحصيلاً واختبارًا وشهادة فقط. إنه بناء شخصية، واكتساب خبرات، وتنمية ملكات، وتعديل سلوك، وتقويم أفكار، وكل ما سبق يظل حبرًا على ورق طالما ظلت العملية التعليمية مقصورة على المناهج والامتحانات فقط لا غير. زيارة الجامعات الأمريكية دائمًا تكون ملهمة. وسر الإلهام يكمن في متابعة الأنشطة. جماعات ومجموعات وأندية وأسر ومحاضرات لشخصيات ملهمة وأنشطة تطوعية وأعمال خيرية وشبكات لتعريف المجتمع الطلابى بمجتمع الخريجين في قطاعات مهنية مختلفة.
الاختلاف الكبير بيننا وبينهم أن فكرة الأنشطة الطلابية متجذرة في الفكر التعليمى. لا تعليم دون أنشطة، ولا أنشطة دون تعليم. طلاب الهندسة يحضرون محاضرة لسياسى محنك يتحدث عن الصراع في الشرق الأوسط. طلاب الموسيقى يقدمون عروضًا موسيقية مسائية للمجتمع الجامعى، والعرض جزء من تحصيل الدرجات. جميع الطلاب يقومون بساعات من الخدمة المجتمعية من رعاية مسنين ومساعدة في مراكز استقبال المشردين، والترفيه عن الأطفال المرضى، وتنظيف الحى والقنوات المائية، وتحسب لهم ساعات الخدمة ضمن ساعات الدراسة ولا يتخرجون بدونها. طلاب هندسة الطرق يحصلون على مِنَح من شركات بناء الطرق والكبارى للدراسة، ويتدربون في الشركة في أثناء الصيف، طلاب إدارة الأعمال والمحاسبة يتدربون في الشركات التجارية والمصارف الكبرى التي ترعى مبانى وأقساما في الجامعة تحمل اسمها، ويتم انتقاء عدد منهم للالتحاق بالعمل فيها بعد التخرج. ضباط الشرطة والمأمور يزورون الجامعة للالتقاء بالطلاب والحديث معهم عن المسائل الأمنية وسبل الحفاظ على أمنهم الشخصى وطريقة التصرف في حال تعرضوا لأزمة.
مجموعات تقدم الدعم لمن يتعرض لاعتداءات جنسية أو لفظية أو بدنية. لقاءات تجمع الطلاب المحليين بالوافدين والأجانب وأبناء المهاجرين واللاجئين بهدف الدمج والفهم والاحترام المشترك.
أما الرياضة، فهناك من الجامعات من يكتسب جانبًا من سمعته الذهبية لرعايته الموهوبين والمتفوقين رياضيًا. مبانٍ وخدمات مصممة خصيصًا لرعاية الرياضيين وتنمية قدراتهم وتنظيم وقتهم بين التعليم والتدريب. منح دراسية للمتفوقين رياضيًا، خدمات تعليم إضافية لمن تفوتهم دروس بسبب بطولات أو تدريبات. أنظمة غذائية صحية توضع خصيصًا لهم.
والنتيجة أن نسبة كبيرة من الخريجين لا يكتفون بحمل شهادات تخرج جامعية يتم وضعها في إطار وتعليقها على جدار الصالون، لكنها تخرج إلى الحياة مؤهلة للتعامل مع العالم ومسلحة بقدرات وخبرات وشعور بانتماء حقيقى بناء على تجارب ومعايشة، وليس بناء على أغنيات وكليشيهات. وتكون النتيجة أيضًا وجود خريج «بحق وحقيقى» لا يحتاج إلى إعادة تأهيل لتعلم بديهيات الاندماج مع العالم الخارجى، أو فك الخط في اللغة الإنجليزية، أو التعامل مع المواقف والأزمات الطارئة.
الدراسة الجامعية تعليم وتأهيل للحياة، وإفادة الطالب بتوثيق انتمائه للمجتمع واستفادة للمجتمع بخدماته وتدريب لخوض المباريات الحقيقية وليست شهادة والسلام.