توقيت القاهرة المحلي 18:47:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الوجه الآخر للجوء السورى

  مصر اليوم -

الوجه الآخر للجوء السورى

بقلم: أمينة خيرى

يبدو أن الدور الأممى الذى كان ينبغى على المهاجرين واللاجئين أن يلعبوه قد انتهى.

لم تعد هناك حاجة ماسة لصورهم التى تُدمى القلوب، أو تفاصيل نزوحهم التى تصب فى مصلحة جماعة متحاربة هنا، أو مجموعة ترفع السلاح هناك، أو قوى دولية تدعم هذه على حساب تلك من أجل هيمنة ومصالح عظمى. وانتفت الأسباب والدوافع التى كانت تجعل من قصص كرّ وفرّ آلاف الهاربين من جحيم الاقتتال والعالقين على حدود دول أوروبية، أخباراً رئيسية ومقاطع مصورة تحوز المشاهدات الأعلى، لتشكل مزاجاً عاماً وتصنع رأياً شعبياً يحقق مصالح سياسية وأغراضاً اقتصادية.

ويبدو أن أحداً لم يلتفت بعد إلى الشفافية المطلقة وتقديم المعلومة المنزَّهة عن التجميل وجهود دغدغة المشاعر التى ينعم بها الإعلام الغربى هذه الآونة.

يجرى هذه الآونة تداول عشرات التحليلات والتنظيرات حول المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أو «ماما ميركل»، كما أطلق عليها محبو الإنسانية قبل ثلاث سنوات، ومعهم من صدقوا أن هناك من الساسة من يدعم حقوق الإنسان فى المطلق دون النظر إلى الجنس والدين والعرق!

سياسة ألمانيا التى دغدغت قلوبنا ومشاعرنا جميعاً قبل سنوات قليلة حين فتحت أبوابها على مصاريعها أمام نحو مليون لاجئ ومهاجر من السوريين وبعض من جنسيات أخرى معهم، وذلك تحت راية الإنسانية، تجد نفسها هذه الأيام فى «خانة اليك». صحيح أن السياسات الألمانية الصارمة نجحت إلى حد كبير فى إدماج المقبلين بقوة القانون بين تعلم اللغة وعدم الإتيان بأفعال أو أنشطة خارقة للقوانين، إلا أن الفائدة الأكبر هى تعويض مشكلة انخفاض المواليد التى تعانى منها ألمانيا، ومن ثم النقص الحاد فى مهن حيوية فى المجتمع الألمانى.

ولأن الطبيعة البشرية -حلوها ومرها- لا تذعن دائماً لقواعد المصالح السياسية ولغة المواءمات الأممية، فإن التيارات اليمينية فى ألمانيا بدأت تستعد لمرحلة ما بعد ميركل.

ما بعد ميركل لن يتسم بالضرورة بسياسة فتح الأذرع للمهاجين واللاجئين، أو حتى دعم وجودهم بالقدر الذى اعتنقته المستشارة الألمانية.

وبدأنا نسمع همهمات شاكية من تهديد يتربص بالهوية الوطنية، وهو ما تتردد أصداؤه بدرجات متفاوتة فى العديد من الدول الأوروبية. تقارير عن حالة مزرية لأوضاع اللاجئين المحتمين بمخيمات فى اليونان لم يبرحوها طيلة ثلاث أو أربع سنوات مضت.

شد وجذب غير مباشرين فى الداخل الألمانى، حيث تحكم محكمة ألمانية باستعادة لاجئ تم ترحيله إلى اليونان التى أتى منها، لكن الحكومة الألمانية تؤكد أنها مستمرة فى إعادة اللاجئين المقبلين إليها من اليونان.

وعلى مقربة من اليونان، تتبلور ملامح أزمة مشابهة. فتركيا التى دغدغت هى الأخرى مشاعر الكثيرين بفتحها الأبواب أمام الهاربين من الجحيم السورى، تتخذ عدداً من الإجراءات الجذرية لتخفيف أعبائها والتخلص من أحمالها التى كلفت الاتحاد الأوروبى ستة مليارات يورو سددتها لتركيا على مدار ثلاث سنوات، وذلك ضمن مساعدات أخرى لضمان بقاء المهاجرين السوريين على أراضيها.

وبين تمديد المهلة الممنوحة للسوريين فى إسطنبول (نحو نصف مليون سورى) لمغادرتها قبل نهاية أكتوبر المقبل، والسماح لهم بإعادة التوطين فى أماكن أخرى عدا إقليم أنطاليا الجنوبى، وفى حال عدم الإذعان مواجهة الترحيل القسرى، يظل ما لا يقال أكبر وأخطر.

فحمل تركيا المتمثل فى نحو 3٫5 مليون لاجئ سورى كان يمكن تحمله مع استمرار تدفق مليارات اليوروهات، ومعه بالمرة سمعة عالمية يتغنى بها البعض حول سعة صدر النظام التركى وطيبة قلبه وحنية مشاعره تجاه اللاجئين.

لكن توقف التدفقات، وقرب انتهاء الصراع الدولى الدائرة رحاه على الأراضى السورية، وبدء مرحلة وضع الرتوش الأخيرة على من يأخذ ماذا من الكعكة السورية، ولملمة متعلقات الدول المتبقية مع الجماعات التى كانت تدعمها لتدك سوريا دكاً، يجعل من استمرار الوضع على ما هو عليه فى تركيا أمراً صعباً وغير منطقى بلغة السياسة.

لغة السياسة لا يمكن أبداً فصلها عن لغة الاقتصاد والمصالح والقوة وتوازناتها.

وما لا يقال فى تركيا علناً، لكنه معروف ومتوقع مسبقاً من الجميع باستثناء أولئك المسحورين بعشق حلم الخلافة العثمانية أو المضحوك عليهم بأضغاث الإنسانية السياسية التركية، هو أن النسبة الأكبر من الـ3٫5 مليون سورى فى تركيا ستواجه ضغوطاً مختلفة ومتواترة لإعادة التوطين أو العودة إلى سوريا.

الغريب أننا لا نسمع صوتاً مؤنباً أو لائماً أو صاباً الغضب على رؤوس من كشفوا الوجه الحقيقى لتعاملهم مع اللاجئين السوريين.

بالطبع ينبغى أن يكون هناك واجب إنسانى والتزام أممى تجاه أى هارب من جحيم اقتتال أو شبح خطورة أو تهديد فى وطنه. وهناك من المواثيق الدولية ما يلزم بذلك وأكثر.

ومن واقع خبرة الكوكب، هناك الملايين من اللاجئين الذين ساهموا فى نهضة الدول التى لجأوا إليها.

لكن بلغة الواقع ولهجة الكوكب، أزمة اللاجئين السوريين ستكشف عن وجوه بالغة القبح وألسنة ضربها الخرس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوجه الآخر للجوء السورى الوجه الآخر للجوء السورى



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon