بقلم: أمينة خيرى
يدق الرئيس السيسى منذ توليه منصب الرئاسة على قضايا وزوايا لم يسبق الدق على جميعها فعلياً فى الوقت نفسه: المرأة ومكانتها فى المجتمع التى تعرضت للتدنى والتدهور والتأخر بفعل جماعات الإسلام السياسى وموجات التديين المغلوط على مدار نصف قرن مضى؛ الخطاب الدينى الذى بات عنصرياً فوقياً مروجاً لخطاب الكراهية غارساً مفاهيم الطبقية والفوقية لمجرد الانتماء لدين ما بينما المحتوى مخوخاً مخلخلاً، وداقاً على أوتار الاحتكار حيث من ليسوا معنا فهم علينا، ومن لا يتبعنا فمصيره جهنم وبئس المصير، التأمين الصحى الذى كان كيانًا هيكلياً لا محتوى له، الإصلاح الاقتصادى الذى خاف من سبقوه من مجرد الاقتراب منه، والشباب هذا الملف الشائك الذى طالما تعامل معه الجميع باعتباره صداعاً فى رأس الدولة ووجعاً فى بطن الحكومة وإنفلونزا فى أوصال المجتمع، أصبح كياناً قائماً وكائناً ينمو ويتطور ويثبت حضوره بصفة مستمرة.
استمرار منتديات ولقاءات الرئيس وأعضاء الحكومة بمجموعات منتقاة ومختارة بعناية من شباب مصر، دليل على استمرار الاهتمام وتحوله ليصبح سياسة من سياسات الدولة وجزءاً لا يتجزأ من سيرها المنطقى نحو المستقبل الذى يمثله الشباب.
والصورة الرائعة التى ظهر بها المؤتمر الوطنى السابع للشباب أسعدت ملايين المصريين وأبهرتهم شكلاً وموضوعاً. وعلى كل مصرى ومصرية أن يفخر بمستوى التنظيم والأداء دون أدنى شك.
وطرح بعض التساؤلات وتقديم عدد من الانتقادات لا يعنيان بأى حال من الأحوال انتقاصاً من روعة الصورة أو نيلاً من ثراء المحتوى. وإغماض العين وإغلاق الأذن عن هذه التساؤلات والانتقادات لا يعنى أنها ليست موجودة.
وعلى غرار «اسأل الرئيس» التى أدارها باقتدار الزميل رامى رضوان، يسأل البعض ممن لم يحضروا المؤتمر أسئلة شبيهة بتلك التى طرحت، ولكن من زوايا مختلفة. وهى تختلف عن الأسئلة التشكيكية التى تنال من سمعة الوطن أو المتهكمة التى تلحق الضرر بالمؤتمر، لكنها أسئلة تهم الناس العاديين الذين ليسوا بالضرورة خبراء اقتصاد أو محروقات أو تخطيط عمرانى أو تكتيك استراتيجى.
وعلى سبيل المثال، لماذا تستمر أسعار الغاز وقيمة استهلاكه فى الارتفاع رغم الحقول الجديدة والإعلان عن سعات إنتاجية وفيرة؟ وما مدى صحة ما يتردد بأن مصر كانت تعيش فقاعة عقارية أوشكت على الانفجار؟ ولماذا يشعر البعض بأن حركة العمل والإنتاج الوحيدة هى تلك المتمثلة فى بناء عمارات سكنية وتشييد مولات تجارية؟ ولماذا يشعر البعض بأن الإعلام صار أحادى التوجه لا مجال فيه للتعدد ولا مساحة فيه للاختلاف؟ وما الذى سيحدث خلال العامين أو الثلاثة المقبلة ما يجعل الإعلام المصرى فى صورة وحالة أفضل؟ وما مقومات ومواصفات الإعلام الجيد أو الناجح فى رؤية الرئيس؟
ويتمنى البعض معرفة رؤية الرئيس فيما يختص بمكانة مصر الصناعية وقدرتها الإنتاجية، وهل هناك خطة ما لفتح مصانع كثيفة العمالة أو إعادة فتح المغلق لتدوير عجلة الإنتاج فعلياً؟ وما نوع العلاقة بين رجال الأعمال والدولة هذه الآونة؟ فالملاحظ أن رجال الأعمال ممن كانوا مقربين من الرئيس السابق مبارك يكادون لا يظهرون فى الصورة أو على الساحة، كما أن غيرهم كذلك لا يظهر على الأقل علناً ضمن منظومة الاقتصاد.
كما يتساءل كثيرون عن موقف الرئيس السيسى -وهو الذى اعتدنا منه معرفته العميقة وإلمامه الشامل بمشكلات يعتقد البعض أنها بعيدة عن دوائر الحكم- من فوضى الشارع المصرى والغياب شبه الكامل لتطبيق قوانين الضبط والربط؟. فما خطة الرئيس لضبط المرور وربط إيقاعه ببديهيات الحفاظ على حياة المواطنين، لا سيما فى ظل التزايد الرهيب لحوادث السير القاتلة والمركبات غير المرخصة وضرب عرض الحائط بقوانين السير؟
سير الأسئلة الموجهة للرئيس السيسى بالطبع صبت فى خانة الاقتصاد، وهو الداء والدواء. ولأن خبراء الاقتصاد وحدهم هم القادرون على فهم أسباب نمو الاقتصاد وتعدى العديد من العثرات مع استمرار الأوضاع الاقتصادية المعيشية الصعبة بل وزيادة نسبة الفقر، فإن كثيرين يودون سماع شرح الرئيس وتوقعاته لما ستؤول إليه أحوال المصريين الاقتصادية فى المستقبل القريب. كما يتحرق مصريون شوقاً لمعرفة كيف يفكر الرئيس فى الطبقة المتوسطة، وهو المنتمى لها وأدرى الناس بشئونها وما آلت إليه أحوالها. ولعل الرئيس يعرف أو يستشعر أن تململاً ما يدور فى أوساط هذه الطبقة التى ترى جهود الحماية الاجتماعية العاتية الرائعة موجهة إلى الطبقات الدنيا، بينما أحوال الوسطى تنذر باللحاق بالدنيا.
ولأن الدنيا فى مصر لا تستوى بدون الدين، فهناك من يود معرفة رأى الرئيس فى تعليق تجديد الخطاب الدينى -تلك الدعوة الجريئة الرائعة التى أطلقها قبل ما يزيد على ثلاثة أعوام- لأجل غير مسمى كما هو واضح بالحجة والبرهان.
نحيى كل من نظم وساهم وشارك فى هذا المؤتمر الرائع، ونطلب بالمزيد من «اسأل الرئيس».